للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي يُضِلُّ من يشاءُ ويهدي من يشاءُ، ويُسعد من يشاءُ ويُشقِي من يشاء ويعرُّ من يشاء ويُذِلُّ من يشاء إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحقُّه من الأسماء الحسنى.

وأما الملك؛ فهو الآمر الناهي المعزُّ المذِلُّ الذي يصرف أمورَ عباده كما يحِبُّ، ويقلبهم كما يشاءُ، وله من معنى الملك ما يستحقُّه من الأسماء الحسنى؛ كالعزيز الجبار المتكبِّر الحَكَم العَدْل الخافض الرافع المُعِز المُذِل العظيم الجَلِيل الكبير الحَسِيب المجيد الوالي (١) المُتَعالي مالك الملك المقسِط الجامع، إلى غير ذلك من الأسماء: العائدة إلى الملك.

وأما الإله؛ فهو الجامعُ لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، فِيدخلُ فِي هذا الاسم جميعُ الأسماء الحسنى، ولهذا كان القولُ الصحيح أن "الله" أصلُه "الإله" كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذَّ منهم (٢)، وأن اسم الله تبارك وتعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى والصِّفات العُلى، فقد تضمَّنت (٣) هذه الأسماءُ الثلاثةُ جميعَ معاني أسمائه الحسنى، فكان المستعيذ بها جديرًا بأن يُعَاذَ ويُحْفَظ ويُمْنَعَ من الوسواس الخنَّاس ولا يُسَلَّطَ عليه.

وأسرارُ كلام الله أجلُّ وأعظمُ من أن تدركهَا عقولُ البشر، وإنما غايةُ أولي العلمَ الاستدلال بما ظهر منها على ما وراءه، وإن بادِيَه إلى الخافي اليسير.


(١) (ع): "الولى"
(٢) انظر ما تقدم من هذا الكتاب (١/ ٣٩ - ٤٠).
(٣) (ق): "شملت".