للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفانِ لموصوف (١) محذوف وهو الشيطانُ، وحَسَّنَ حذفَ الموصوف هاهنا غلبةُ الوصف حتي صار كالعَلَم عليه، والموصوف إنما يَقْبُحُ حذفُهُ إذا كان الوصفُ مشتركًا فيقعُ اللَّبْسُ؛ كالطَّويل والقبيح والحَسَن، ونحوه، فيتعيَّن ذكرُ الموصوف ليعلم أن الصِّفة له لا لغيره، فأما إذا غلب الوصفُ واختصَّ ولم يعرضْ فيه اشتراك، فإنه يجري مجرى الاسم، ويحسُنُ حذف الموصوف؛ كالمسلم والكافى والبَرِّ والفاجر والقاصي والداني (٢) والشاهد والوالي والأمير (٣) ونحو ذلك، فحَذْف الموصوف هنا أحسن من ذكره، وهذا التفصيلُ أولى من إطلاق مَنْ منَعَ حذْفَ الموصوفِ ولم يفَصِّلْ.

ومما يدلُّ على أن الوسواس وصفٌ لا مصدرٌ: أن الوصفيَّة أغلبُ على "فَعْلال" من المصدرية كما تقدَّم، فلو أريد المصدرُ لأتي بـ: (ذو) المضافة إليه، ليزولَ اللَّبْسُ وتَتَعَيَّنَ المصدريَّةُ، فإن اللَّفظ إذا احتمل الأمرين على السواء، فلا بدَّ من قرينةٍ تدُلُّ على تعيينِ أحدهما، فكيف والوصفيةُ أغلبُ عليه من المصدرية!؟.

وهذا بخلاف صَوْم وفِطْر وبابهما، فإنها مصادرُ لا تلتبسُ يالأوصاف، فإذا جرت أوصافًا عُلِم أنها على حذف مضافٍ أو تنزيلًا للمصدر منزلةَ الوصف مبالغةً على الطريقتين في ذلك، فتعيَّنَ أن الوَسْواسَ هو الشَّيطَانُ نفسه، وأنَّه ذاتٌ لا مصدرٌ، والله أعلم.


(١) (ق): "المصدر".
(٢) (ع): "العاصي"، و"الداني" من (ظ ود).
(٣) ليست في (ظ ود).