للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم من يشيعُها ويذيعُها تديُّنًا وتقرُّبًا بزعمه إلى الله تعالى، وهو نائب إبليسَ ولا يشعرُ، فإن الذين يُحِبُّون أن تشيعَ الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم، هذا إذا أحبُّوا إشاعَتَها وإذاعَتَها (١)، فكيف إذا تولَّوْا هم إشاعَتَها وإذاعَتَها [لا] نصيحة (٢) منهم، ولكن طاعةً (٣) لإبليس ونيابةً عنه؟! كل ذلك لينفِّرَ الناسَ عنه، وعن الانتفاع به، وذنوب هذا ولو بلغت عَنان السَّماء أهونُ عند الله من ذنوب هؤلاء، فإنها ظلمٌ منه لنفسه، إذا استغفرَ اللهَ وتابَ إليه قبل اللهُ وتوبَتَهُ، وبدَّلَ سيئاتِهِ حسنات، وأما ذنوبُ أولئك فظلم للمؤمنين وتَتَبُّعٌ لعورتهم وقصدٌ لفضيحتهم، والله -سبحانه- بالمرصاد لا تخفى عليه كمائنُ الصدور ودسائسُ النفوس.

* فإنْ أعْجَزَ الشيطانَ عن هذه المرتبة، نقله إلى المرتبة الرابعة وهي: الصَّغائر التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاحبها، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إيَّاكُمْ ومُحَقَّرَاتِ الذُّنُوب، فإنَّ مَثَلَ ذلك مَثَلُ قَوْمٍ نزلوا بفَلاةٍ من الأرض ... " (٤)، وذكر حديثًا معناه: أن كل واحد منهم جاء بعُود


(١) من (ع) فقط.
(٢) زيادة يستقيم بها النص.
(٣) ملحقة في هامش (ق).
(٤) أخرجه أحمد: (٥/ ٣٣١) وغيره من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- ولفظه: "إيَّاكم ومُحَقَّرَات الذنوب، كقوم نزلوا في بطن وادٍ فجاء ذا بعودٍ وجاء ذا بعود حتى انضجوا خبزتهم، وإن محقَّرات الذنوب متى يُؤخَذ بها صاحبها تُهْلِكه".
قال الحافظ فى "الفتح": (١١/ ٣٣٧): "إسناده حسن".
وله شاهد من حديث ابن مسعود، أخرجه أحمد: (٦/ ٣٦٧ رقم ٣٨١٨). وفى سنده ضعف، ولفظه أقرب إلى ما ذكره المؤلِّف.