ومع ما وصفنا من كثرة فوائد الكتاب، إلا أنه لم يَنَل من الشهرة والذُّيُوع -في عصرنا هذا على الأقل (١) - ما نالَ صنوه "الفوائد"! وهل يكون "الفوائد" إلا قطرةً في بحرٍ لُجِّيٍّ من فوائد "البدائع"؟! وسبب ذلك -عندي- أن فوائد الكتاب عالية الرتبة، تَوَلَّجَ المؤلفُ فيها إلى دقائق الفنون، خاصة العربية، وهذه الدقائق والمباحث لا يفهمها المبتدئ والمقلِّد، كما يقول المؤلِّف في كتابه هذا (٣/ ٨٨٩). فبقي الكتاب لا يستفيد منه إلا الخاصةُ وخاصتُهم.
وقد اتَّجَه العزمُ إلى تحقيق هذا الكتاب من بضع سنوات خلت، إلا أن العمل فيه كان متقطِّعًا، إلى أن صمدت له أخيراً ليكون باكورة هذا المشروع المبارك -إن شاء الله تعالى- "آثار الإمام الحافظ ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال" تحتَ رعايةِ ونظر شيخنا العلامة أبي عبد الله بكر بن عبد الله أبو زيد، ناشرِ علومِ الإمام ابن القيم وفقهِهِ وتراثِهِ -أحسنَ الله إليه وبارك في عمره-.
وقد مهَّدْت بين يدي الكتاب بمباحث متعددة هي:
* اسم الكتاب.
* تاريخ تأليفه.
* إثبات نسبته للمؤلف.
* التعريف بالكتاب، فيه:.
أهميته، وميزاته، ومنزلته بين كتب المصنِّف.
(١) ومن الغرائب أن نسخ "البدائع" كثيرة جدًّا، أما كتاب "الفوائد" فلم نعثر له إلا على نسخة فريدة -هي التي طبع عنها الكتاب أول ما طبع- فهل كان "البدائع" أكثر شهرة وتداولاً من "الفوائد"؟!.