للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلاّ رَجُلٌ (١) عَمِلَ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ". فهذا حِرْز عظيم: النفع، جليل الفائدة، يسير سَهْل على من يسره الله تعالى عليه.

الحرز الثامن: -وهو من أنفع الحُروز من الشيطان- كثرةُ ذكر الله عز وجلّ، ففي التِّرمذي من حديث الحارث الأشعري أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ اللهَ أمَرَ يَحْيَى بنَ زَكَريّا بخَمْسِ كلِمَاتٍ أنْ يَعْمَلَ بِها وَيأْمُرَ بنَي إِسْرَائِيلَ أنْ يَعْمَلُوا بِها، وَإنَّهُ كادَ يُبْطِئَ بِها، فَقَالَ عِيسَى: إنَّ اللهَ أمَرَكَ بِخَمْسِ كلمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِها وتَأْمُرَ بنِي إِسْرائيلَ أن يَعْمَلُوا بِهَا، فإمَّا أنْ يأْمرَهُمْ وَإِمّا أَنْ آمرَهُمْ.

فَقَالَ يَحْيَى: أخْشَى إِنْ سَبقَتَني بِهَاْ أنْ يخْسَفَ بي، أوْ أُعَذَّبَ، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بيْتِ المَقْدِسِ فامْتَلأ وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ أمَرَنِي بخمْسِ كَلِمَاتٍ أنْ أعْمَلَ بِهِنَّ وَأمَرَكُمْ أن تَعَمَلُوا بِهِنَّ: أوَّلُهنَّ أنْ تَعبدوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بهِ شَيْئًا وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أشْرَكَ بِالله, كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بذْهَبٍ أوْ وَرِقٍ فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي، وَهَذا عَمَلِي وَأدِّ إِليّ، فَكَانَ يَعْمَل ويُؤَدِّي إِلى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أنْ يكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِك؟.

وَإِنَّ اللهَ أمَرَكُمْ بالصَّلاةِ، فَإذَا صَلَّيتُمْ فَلا تَلْتَفِتُوا فَإنَّ اللهَ يَنْصُبُ وجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاتِهِ مَا لمْ يَلْتَفِتْ.

وَأمَرَكمْ بالصِّيَام، فَإِنَّ مَثَلَ ذلِكَ كمَثلِ رَجُلٍ فِي عِصَابةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، فَكُلُّهُمَ يَعْجَبُ أو يُعْجِبُه رِيحُهَا، وَإنَّ رِيحَ الصَّائِم أطْيبُ عِنْ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ.


(١) (ع وق): "أحد".