للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الآخر (١):

مَشَيْنَ كما اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعَالِيَها مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ

وقال الآخر:

بَغْيُ النُّفُوسِ مُعِيدَةٌ نَعْمَاءَهَا ... نِقَمًا، وإنْ عَمِهَتْ، وطالَ غُرُورُها

فأنَّثَ الأوَّلُ: "السُّورَ" المضاف إلى المدينة، والثاني: "المَرَّ" المُضَافَ إلى الرِّياح، (ق/٢١٦ أ) والثالثُ: "البَغْيَ" المُضاف إلى النفوس، لتأنيث المُضاف إليه مع أن التذكير أصلٌ والتأنيث فرع، فحُمِل الأصل على الفرع، فَلأَنْ يجوزَ تذكيرُ المؤنث لإضافته إلى غير مؤنث أولى؛ لأنه حَمْل للفرعِ (٢) على الأصل.

ومنْ الأول أيضًا قول الشاعر (٣):

وتَشْرَقُ بالأَمْرِ الذي قد أَذَعْتَهُ ... كما شَرِقَتْ صَدْرُ القَنَاةِ منَ الدَّمِ

فأنث "الصَّدْرَ" لإضافته إلى القناة.

وأنشدني بعضُ أصحابنا لأبي محمد بن حزم، في هذا المعنى بإسناد لا يحضرُني:

تجنَّب صديقًا مثل ما، واحذرِ لذي ... تراه كعَمْرو بين عُرْبِ وأعجمِ

فإن صديقَ السَّوْءِ يُرْدِي وشاهدي ... كما شَرِقَتْ صدْرُ القناةِ من الدَّمِ


(١) البيت لذي الرمة "ديوانه": (٢/ ٧٥٤)، والرواية فيه:
*رويدًا كما اهتزت ..... *
(٢) (ع وظ): "حَمَل الفرعَ".
(٣) البيت للأعشى "ديوانه": (ص/١٨٣).