للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إما مضمَرًا وإما مظهَرًا" وهذا كلامُ مَنْ هو بعيد من تصوُّر المعاني وارتباطها بالألفاظ، ولا تَسْتنكِرْ (١) هذه العبارةَ في حقِّ المنطقيينَ فإنهم من أفسدِ الناس تَصَوُّرًا، ولا يُصَدِّقُ بهذا إلا مَنْ عَرَف قوانينَ القوم، وعَرَفَ ما فيها من التَّخبيط والفساد.

وأما إن كان الخبرُ اسمًا مشتقًّا مفردًا فلابُدَّ فيه من الضمير، ولكن ليس الجالب لذلك الضمير ربطه بالمبتدإ بل الجالبُ له أن المشتقَّ كالفعل في المعنى، فلابُدَّ له من فاعل ظاهر أو مضمر.

فإن قيل: وما الذي يدُلُّ على أن في الفعل ضميرًا حتى يكونَ في ثانيه ضمير؟. فإذا قلت: "زَيْدٌ قَائم" فإن هذا اللَّفظ (ظ / ١٥٩ ب) لا ضميرَ فيه يُسمع، فدعوى تحمُّله للضمير دعوى محضة.

قيل: الذي يدلُّ على أن فيه الضمير: تأكيدُهم له وعطفُهم عليه وإبدالُهم منه، كقولك في التأكيد: "إنَّ زَيْدًا سَيَقُومُ نَفْسُهُ" برفع "نفس وفي العطف كقوله تعالى: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ} [المسد: ٣، ٤] فـ "امرأتُه" رُفِعَ عطفًا على الضمير في "سَيَصْلى وفي البدل قولك: "إنَّ زَيْدًا يُعْجِبُنِي عِلْمُهُ"، على أن يكونَ "علمُه" بَدَلَ اشتمال لا فاعل، فإذا كان المشتَقُّ مفرَدًا كان الضميرُ الذي فيه اسمًا، فعلًا كان أو اسمًا، نحو: "زَيْدٌ ذَهبَ (٢) وزيْدٌ ذَاهِبٌ".

وأما في التثنية والجمع؛ فلا يكونُ ضميرًا إلا في الأفعال، نحو: "يَذْهَبَانِ ويَذْهَبُونَ" وأما في الأسماء؛ فإنه لا يكون فيها إذا ظهر، إلا علامةً لا ضميرًا، نحو: "ذاهبانِ (ق/٢١٩ أ) وذَاهِبُونَ" فهما في الاسم


(١) (ق): "تستكثر".
(٢) (ق): "يذهب".