للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قال لرجل: أعطني درهمك الصحيح وأعطيك من القطع درهمًا بدلاً منه ودرهمًا هبة أنه لا يجوز، ولم يجعل أمرهما على ما أظهرا من صحة العقد لما خرجا به إلى فساد العمل.

[فصل ٢ - في مسائل من بيع العينة وفسخ الشراء الثاني]

ومن العتبية قال ابن القاسم: وإن قال اشترها بعشرة نقدًا وأنا أشتريها منك باثني عشر إلى سنة لزمته باثني عشر إلى سنة؛ لأن مبتاعها قد ضمنها قبل أن يبيعها منه، وقاله مالك، وأحب إليّ أن يتورع عن الزائد على العشرة، وإن قال اشترها بخمسة عشر إلى أجل وأنا أشتريها منك بعشرة نقدًا وكان وجوبها للمشتري، فإن فات ذلك لم أرده ولم ألزمه إلا عشرة، وأحب إلي أن لو نقده الخمسة، فإن أبى لم أجبره؛ لأن المأمور ضمنها.

وفي كتاب ابن حبيب أن الشراء الثاني يفسخ الأول، وعلل الفسخ بأنه بيع ما ليس عندك، وقال: سواء قال لك اشترها لنفسك بعشرة نقدًا وأنا ابتاعها منك باثني عشر نقدًا أو إلى أجل.

قال أبو إسحاق: وإذا كانت العلة بيع ما ليس عندك استوى ذلك كما قال. وفي كتاب محمد: إذا قال: اشترها لي بعشرة نقدًا، وهي لي باثني عشر إلى أجل لم يفسخ البيع، وكانت على الآمر بعشرة نقدًا، وكان للمأمور جعل مثله على الآمر.

وفي كتاب ابن حبيب قال: فإن لم تفت السلعة فسخ البيع، وإن فات لزمت الآمر بعشرة نقدًا.

وفي كتاب محمد: إذا باع رجلان ثوبيهما بخمسة نقدًا وخمسة إلى شهر ثم ابتاع أحد الرجلين أحد الثوبين بخمسة نقدًا وخمسة إلى شهر، ثم إن أخذ أحد الرجلين أحد الثوبين بخمسة نقدًا، قال: لا خير فيه.

قال أبو إسحاق: وهذا صواب لأن كل واحد باع نصف الثوبين بدينارين ونصف نقدًا وبدينارين ونصف إلى أجل، فإذا اشترى أحد الرجلين أحد الثوبين صار كأنه اشترى نصفًا باعه ونصفًا لم يبعه بخمسة دنانير، فديناران ونصف وهي التي كان قبضها، وديناران ونصف تسلفها ليرجع بمثلها إذا حل الأجل، فإذا آل آمره إلى أنه باع نصفا أمضاه بنصف أخذه، وأسلف دينارين ونصف يأخذ فيهما دينارين ونصفا إذا حل الآجل.

قال: وإما بخمسة نقدًا وبخمسة إلى أجل أو بخمسة نقدًا وبدينارين ونصف إلى أجل فذلك جائز، ولا يجوز بأقل من دينارين ونصف إلى الأجل وذلك إذا اشتراها بخمسة نقدًا وبدينارين ونصف فأكثر جاز إلى الأجل لا يقبض شيئًا وإنما يسقط عنه الدينارين والنصف بالمقاصة أو يؤدي زيادة عليها فلم ينتفع بشيء، فإذا كان بأقل من دينارين ونصف إلى أجل يصير هناك سلف يرد فلم يجز لو اشترى منه أحد نصفيه بدينارين ونصف لكان جائزًا؛ لأنه بمنزلة من باع ثوبين بدينارين ونصف إلى أجل، فاشترى أحدهما بما كان انتقد، فلا تهمة في ذلك.

وكذلك لو اشترى بأقل لجاز لأن الباقي صار ثمنه ما بقي عنده مع الأجل، وإنما لا يجوز أن يشتريه بأكثر، لأنه يصير مآل أمره أنه دفع ثوبًا وذهبًا في ذهب لأن ما قبض من النقد قد رده، والزيادة التي زادها صارت مبيعة مع الثوب الذي لم يرتجعه

<<  <  ج: ص:  >  >>