فانتفع بذلك الموهوب يصير كأن المشتري أخطأ على مال إنسان فوهبه فابتدئ بإغرامه؛ لأنه هو المتعدي بالخطأ، وهو سلط الموهوب عليه، فمتى لم يقدر على إغرامه لعدمه أغرمنا المنتفع، ويصير على هذا التأويل لا فرق بين الغاصب إذا وهب، والمشتري والوارث.
[(٣) فصل: فيمن غصب أرضًا فزرعها ثم استحقت]
ومن المدونة: ولو كان الزارع غاصبًا كان لرب الأرض قلعه إن كان في إبان الزراعة؛ لأن من العرق الظالم وإن فات إبان الزراعة لم يكن له قلعه؛ لأنه ضرر وهو لا ينتفع بأرضه؛ وقال الرسول عليه الصلاة والسلام:((لا ضرر ولا ضرار))، ويكون له على الغاصب كراء المثل.
[(٤) فصل: فيمن اشترى أرضًا فزرعها ثم استحقت، وكيف إن كانت دارًا فسكنها مشتريها أو أكراها]
وإن استحقها بعد إبان الزرعة وقد زرعها مشتريها أو مكتر منه، فلا كراء للمستحق في تلك السنة، وكراؤها للذي أكراها إن لم يكن غاصبًا وكانت في يده بشراء أو ميراث، وكذلك إن سكن الدار مشتريها أو أكراها أمدًا، ثم استحقها رجل بعد الأمد فلا كراء له، وكراؤها للمبتاع، وإذا كان مكتري الأرض لا يعلم: أغاصب هو أم مبتاع؟ فزرعها المكتري منه ثم استحقها رجل في إبان الحرث، فمكريها كالمشتري- يعني: في الغلة- حتى يعلم أنه غاصب.