عباد الله: الترويح والترفيه هو إدخال السرور على النفس، والتنفيس عنها، وتجديد نشاطها، وزمها عن السآمة والملل، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم إبَّان حياته يُؤكد أحقية هذا الجانب في حياة الإنسان، يقول سماك بن حرب: قلت لـ جابر بن سمرة: {أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
كان طويل الصمت، وكان أصحابه يتناشدون الشعر عنده، ويذكرون أشياء من أمر الجاهلية، ويضحكون، فيبتسم معهم إذا ضحكوا} رواه مسلم.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:[[لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين، ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أُريد أحدهم على شيءٍ من دينه دارت حماليق عينيه]] .
وذكر ابن عبد البر رحمه الله عن أبي الدرداء أنه قال:[[إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو غير المحرم فيكون أقوى لها على الحق]] .
وذكر ابن أبي نجيح عن أبيه قال:[[قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني ليعجبني أن يكون الرجل في أهله مثل الصبي، فإذا بُغي منه حاجة وُجِدَ رجلاً]] ، وذكر ابن عبد البر عن علي رضي الله عنه أنه قال:[[أجموا هذه القلوب والتمسوا لها طرائف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان]] .
يقول ابن الجوزي:"ولقد رأيت الإنسان قد حمل من التكاليف أموراً صعبة، ومن أثقل ما حمل: مداراة نفسه، وتكليفها الصبر عما تحب وعلى ما تكره، فرأيت الصواب قطع طريق الصبر بالتسلية والتلطف للنفس".
وبمثل هذا تحدث أبو الوفاء ابن عقيل فقال:"العاقل إذا خلا بزوجاته وإمائه لاعب ومازح وهازل، يعطي للزوجة والنفس حقهما، وإن خلا بأطفاله خرج في صورة طفل، وهجر الجد في بعض الوقت".
هذه بعض الشذرات حول مفهوم اللهو والتسلية والترويح، يُؤكد من خِلاله أن الإسلام قد عني بهذا الجانب حق العناية؛ غير أننا نود أن نبين هنا وجه الهوة السحيقة بين مفهوم الإسلام للترويح والتسلية، وبين اللهو والمرح في عصرنا الحاضر، والذي هو بطبيعته يحتاج إلى دراسات موسعة تقتنص الهدف للوصول إلى طريقة مُثلى للإفادة منها في الإطار المشروع، فينبغي دراسة الأنشطة الترويحية الإيجابية منها والسلبية، والربط بينها وبين الخلفية الشرعية والاجتماعية للطبقة الممارسة لهذا النشاط، ومدى الإفادة من الترويح، والإبداع في الوصول إلى ما يُقرِّب المصالح ولا يُبعدها، وما يُرضي الله ولا يُسخطه، وتحليل الفعل وردود الفعل بين مُعطيات المتطلبات الشرعية والاجتماعية، وبين متطلبات الرغبات الشخصية المشوهة، وأثر تلك المشاركات في إلكاء الطاقات والكفاءات الإنتاجية العائدة للأسر والمجتمعات بالنفع في الدارين.