للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخير كل الخير في اتباع السلف]

أيها المسلمون! في الحج إلى بيت الله الحرام تتجلى صُور عظمى، وسمة أجلى، هي جزء أساس لا يتجزأ في صحة العمل وقبوله بعد إخلاصه للباري جل وعلا، تلكم هي المتابعة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ووجه ذلك: هو أن مناسك الحج شُرِعت على هيئة واجبات وأركان، وسنن في الأقوال والأعمال، ندب إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم بفعله، متبعاً ذلك بقوله: {خذوا عني مناسككم} .

والطريق الذي رسمه النبي صلى الله عليه وسلم في الحج وغيره من أمور الدين لا هدي أحسن من هديه فيه، ولا طريق أقوم من طريقه فيه، وهيهات هيهات! أن يأتي الخلف في أعقاب الزمن بخير مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، والسلف الصالح في عصور النور.

وإن من غربة الدين أن تلتصق به المحدثات، ألا وإن البدع المحدثة فيها مع سوء الظن بصاحب الرسالة تشويهٌ لجمال الدين، وطمس لمعالم السنن، وحيلولةٌ بين الناس وبين دينه الصحيح.

والحكم الفصل في ذلك هو الوقوف عند السنن، ورد الأمور إلى حكم الله، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥٣] .

يقول سفيان الثوري رحمه الله: [[من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:٣]] ] .

البدعة عباد الله! هي ما أحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وهي تأخذ في الغالب تقليداً لشيخ معظم، أو والد يحترم، أو مجتمع تقدس عاداته، أو أفكارٍ تستحسن، أو مبادئ تستورد، كما أن البدع في الوقت نفسه سريعة الانتشار تنجم كقرون المعز، تستلفت أنظار الدهماء، فيعمدونها الذين لا يبصرون، ويصمون عنها الذين هم عن السمع معزولون، وجماع النهي عن ذلك كله، ما حدث به الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه بقوله: {من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد} رواه الشيخان، وفي رواية لـ مسلم: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} .

فاتقوا الله معاشر المسلمين! واحذروا البدع صغيرها وكبيرها، واعلموا إن من ابتدع بدعة في الإسلام فعليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، قال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل:٢٥] .

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.