أيها المسلمون: إن على رأس الضعف الأصيل البعد عن تشخيص الأحداث بصورتها الحقيقية، مع الاكتفاء بمجرد التلاوم، وإلقاء التبعة على الغير، فعامة الناس يلقون باللائمة على العلماء والمصلحين والمثقفين، وهؤلاء بدورهم يلقون باللائمة على الساسة والقادة الآخرين، وما القادة، والساسة، والعلماء، والمصلحون، والعامة إلا جزء من كل، ولا استقلال في اللوم لصنف دون آخر، وإلا كان جرماً واستكباراً وخروجاً عن الواقعية، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:{كلكم راع، وكل راع مسئول عن رعيته} .
ثم إن المنصف الحذق يلمح من خلال هذا التلاوم المشترك أنه ليس في الحقيقة أحد ملوم، إذ كل يلقيه على الآخر؛ فيلزم من ذلك الدور، وهو ممنوع عند جميع العقلاء.
ورحم الله مالك بن دينار حينما وعظ أصحابه موعظة وجلوا منها، وارتفع بكاؤهم، وبينما هم كذلك إذ فقد مصحفه الذي بين يديه، فالتفت إليهم وقال: ويحكم تبكون جميعاً فمن الذي سرق المصحف إذاً؟!