للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر مراقبة الله في الحياة الزوجية]

أيها الناس: إن الإحسان بهذا المفهوم يمكِّن للزوج وزوجته أن يتعاشرا بالمعروف، وأن يصون كل واحد منهما عرضه في غيبة الآخر، ومطارق الخوف من الله ومراقبته تذكرهم بقوله تعالى عن يوسف عليه السلام: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف:٢٣] لقد اجتمع ليوسف عليه السلام من الدواعي لإتيان الفاحشة الشيء الكثير، فلقد كان شاباً وفي الشباب ما فيه، وقد غلَّقت الأبواب وهي ربة الدار وتعلم بوقت الإمكان وعدم الإمكان فكان ماذا؟ {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:٢٣] استعاذةٌ وتنزُّهٌ واستقباحٌ لماذا؟ وما هو السبب؟ لأنه يعبد الله كأنه يراه.

وفي الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وذكر منهم: ورجل دَعَتْه امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله} .

وإذا خلوتَ بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان

فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني

إي وربي! إن الذي خلق الظلام يراني.

الإحسان أمر جليل ذو مسلك طويل يُظْهِر صِدْقَه الموقف، والفرج يصدِّق ذلك أو يكذِّبه، يغيب الزوج عن زوجته اليوم واليومين والشهر والشهرين فيحمل الإحسان المرأة على صيانة عرض زوجها في غيبته بعد أن فارقها مطمئناً إلى عرضه وبيته وماله.

خرج الفاروق رضي الله عنه من الليل فسمع امرأة تقول -وقد غاب عنها زوجها للجهاد في سبيل الله-:

لقد طال هذا الليل واسودَّ جانبُهْ وأرَّقني ألاَ خليلٌ ألاعبُهْ

فوالله لولا الله لا شيء غيرُه لَحُرِّك من هذا السرير جوانبُهْ

مخافة ربي والحياءُ يصدني وإكرامُ بَعلي أن تُنال مراكبُهْ