[تعليق على خطاب ولي العهد]
يبقى معنا ما يتعلق في أطروحات أخرى جد خطيرة، من ذلك: ما أُشيع في صحف شتى عما يُسمى التعليق على خطاب ولي العهد وفقه الله.
ونحن نعلم جميعاً أن حكام هذه البلاد من بداية التأسيس في خطاباتهم وأمورهم لم نجد يوماً ما أنهم دعوا إلى خروج المرأة من بيتها، ونزع جلبابها وحيائها، ولا إلى فجورها وتحريرها، وخطاب ولي العهد كان واضحاً، ليس وليد اليوم، فقد سبقه بذلك أبوه رحمه الله، فهو ممن تبع أباه بعد ذلك، فهي خطابات تتوالى، ولكن لعل هناك سراً في أولئك المغرضين، ولماذا حصل مثل هذا الخطاب؟
فأقول: ولي العهد كان له جولات كثيرة ألقى فيها خطابات متعددة، فأين هؤلاء الكتاب عن الثناء على تلك الخطابات؟
لماذا الثناء على جملة قصيرة من خطاب واحد وهو خطاب واحد يقوله الجميع، ونقوله كما قال، وقد قاله قبله كثير، أنه لا يصح لأحد أن يهون من شأن المرأة، أو أن ينتقص مكانتها، وهذا أمر كلنا جميعاً نتفق عليه، فلماذا أولئك يحولون هذه الخطاب ويحرفونه على ما يشتهون ويُهَوِّشون به ليصطادوا في الماء العكر؟
فأين الثناء على الخطابات السالفة؟
بل أين الثناء على جملة هذا الخطاب الذي من محتواه هذه الكلمة اليسيرة؟ فلماذا اختيار هذه الكلمة؟
جاءت خطابات ولي العهد وغيره عن إقامة الشرع، وتثبيت حدود الله، والتواصي والتآخي ونحو ذلك، فلم نرَ منهم ثناءً ولا مدحاً، لماذا على هذه النقطة؟
هذا أمر مما يثير الاستفهام، ويؤكد لنا أن جملة من أولئك إنما قصدهم أن يوقعوا فيما لا تحمد عقباه، وعلى حد قول القائل:
أصُمُّ عن الأمر الذي لا أريده وأسمع خلق الله حين أشاءُ
أو على قول القائل:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً عني وما سمعوا من صالح دفنوا
جهلاً علينا وجبناً من عدوهم لبئست الخلتان الجهل والجبن
والحقيقة أيها الإخوة: أن العداوة بين الأمجاد والأوغاد ليست وليدة الحاضر.
كما أن التعليق على الخطاب من قبل أهل الأهواء ليس حباً في مَن ألقى الخطاب، ولنستدل على مثل ذلك: أين أولئك الذين علقوا على خطابه بما لا يريد؟
أين هم بعد أن جاء المصدر الرسمي الآخر وبيَّن أن ذلك ليس مقصوداً؟
فهل تراجع أحدٌ منهم في اليوم التالي، وأثنى على هذا المصدر الرسمي كم أثنى على الخطاب الأول؟
لا نرى منهم أحداً رجع، لماذا؟
لو كان حباً في من ألقى الخطاب، ومصدر الخطاب، لعدت إلى رشدك، وقلتَ: صدق، وأنا آسف على خطئي.
هذه أيضاً مما يؤاخذ على من ساروا خلف ذلك الخطاب، بل لا نخطئ لو قلنا: إن هذا خروج بالكلمة على ولي الأمر، فولي الأمر لم يدعُ المرأة إلى خروجها من بيتها، وحتى أضرب لكم مثالاً واحداً أنا رأيته بعيني: جاء إلى جارتنا هناك خطاب دعوة إلى حضور احتفال تحضره حرم خادم الحرمين حفظه الله, وكان من جملة الخطاب تحت رعياتها على أن لا يكون من ضمن الحضور من يريد تصويراً أو يكون متبرجاً، أو يأتي بما لا يرضاه الشرع، فإذا كان هذا حرم قيادة البلاد، فكيف يأتي من هو دون ليبين أن المرأة ينبغي أن تخرج سافرة.
فإذاً: مثل هذه الخطوط ينبغي أن نتنبه إليها، وأن نعيه وأن نعلم أن من بيننا ومن يلفظ بألسنتنا، ويتكلم بلغتنا من لا يريد لنا الصلاح ولا الإصلاح، لا لنا ولا لقادتنا حفظهم الله ووفقهم للإسلام والمسلمين.
وقولوا مثل ذلك في قيادة المرأة المسلمة للسيارة، وهذا أمر أفتى فيه العلماء، ويُعرف فيه نظر قادة هذا البلاد، وليس تصريح سمو وزير الداخلية -جزاه الله خيراً- عنا ببعيد بأن الأمر ليس ولن يكون ذلك؛ لأن لكل مجتمع ما يدعو إليه دينهم، وهذا أمر فصل في هذه القضية، ونُشر في الصحف في لقائه بإخوته في جامعة أم القرى.