فأول الواجبات الأمنية: البعد عن الشرك بالله؛ في ربوبيته، أو ألوهيته، أو حكمه، أو الكفر بدينه، أو تنحية شرعة عن واقع الحياة، أو مزاحمة شرع غير شرعة معه، بالغة ما بلغت المبررات المغلوطة:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام:٨٢] .
إن الأمن بهذه الصورة هو المطلب الأول، وهو الذي تتحقق به الصلة بالله جلَّ وعلا، والتي بسببها يعم الأمن أرجاء المجتمعات، ويتحقق وعد الله لها بقوله:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً}[النور:٥٥] فكان الجواب التالي لذلك: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً}[النور:٥٥] .
والشرك -هنا- غير مقصور على مجرد عبادة الأصنام كما يتصوره البعض، فيخرجون معنى هذه الآية عن صور شتَّى في هذه الأزمنة، فكلمة (شيئاً) نكرة في سياق النهي؛ فتعم جميع صور الشرك مهما قلت، ألا تسمعون قول الله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور:٦٣] وقد ذكر الإمام أحمد رحمه الله: أن الفتنة هنا هي الشرك.