إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فيا أيها الناس! لقد أشرق الإسلام بآدابه وتعاليمه الخالدة، فأقر كل خير وجد في الأخلاق الأصيلة، وغسلها مما علق بها خلال القرون من الأوبار الدخيلة، ثم أكملها بما أوحى به رب السماوات والأرض إلى نبيه صلوات الله وسلامه عليه تحقيقاً لقول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً}[الأحزاب:٤٥-٤٦] فبعثه الله عز وجل لحفظ مصالح الخلق ومقاصدهم، وسد كل ذريعة تخدش دينهم، أو تهز كيانهم، ولذا فقد أجمع الأنبياء والرسل قاطبة على الديانة بالتوحيد في مللهم، وعلى حفظ المال والنفس والنسب، وحفظ العقل والعرض، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الستة، فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول، فهو مفسدة، ودفعها مصلحة، ولأجل هذا شرع الله الجهاد لحفظ الدين، والقصاص لحفظ النفس، وحد المسكر لحفظ العقل، وحد الزنا لحفظ العرض، وحد السرقة لحفظ المال، وعقد النكاح لحفظ النسب.