فالعقل إذاً ضرورة كبرى من هذه الضرورات، مرهونة بإيجاد ومنع؛ فالإيجاد إنما يكون من خلال استعماله في طاعة الله سبحانه، واعتقاد دين الإسلام به، والمنع إنما يكون من خلال سرد كل ذريعة مفضية إلى إفساد هذا العقل، أو تعطيله عن الاتصال بنور الهداية، فلأجل ذا حرم كل ما من شأنه أن يكون سبباً في زواله، كشرب المسكرات والمخدرات ونحوها، بل لقد جعل الشارع الحكيم الدية كاملةً في زوال العقل بسبب الاعتداء عليه، ولو لم يكن من ذلك إلا كون العقل شرطاً في معرفة العلوم، وفي الأعمال وصلاحها، وبه يكمل دين الإنسان لكفى، غير أنه لا يستقل بذلك وحده، إذ هو غريزة في النفس وقوة فيها كقوة البصر إيجاباً وسلباً، وما ذاك إلا بقدر اقتباسه من نور الإيمان، بيد أنه إذا انفرد عن النور أو أبعد عنه بالكلية كانت أقواله وأفعاله أموراً حيوانية كما قال ذلك شيخ الإسلام رحمه الله.