للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة السعادة]

فالسعادة إذاً -يرعاكم الله تعالى- ليست في وفرة المال، ولا سطوة الجاه، ولا كثرة الولد، ولا حسن السياسة.

السعادة: أمر لا يُقاس بالكم، ولا يُشترى بالدنانير، لا يملك بشر أن يعطيها، كما أنه لا يملك أن ينتزعها ممن أوتيها.

السعادة: دين يتبعه عمل، ويصحبه حمل النفس على المكاره، وجبلها على تحمل المشاق والمتاعب، وتوطينها لملاقاة البلاء بالصبر، والشدائد بالجلَد.

والسعيد: من آثر الباقي على الفاني: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم:٩٦] ، {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:٣٢] .

السعادة -أيها المسلمون- هي الرضا بالله، والقناعة بالمقسوم، والثقة بالله، واستمداد المعونة منه، ومن ذاق طعم الإيمان ذاق طعم السعادة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً} رواه مسلم.

ولذا فإن من أضاع نعمة الرضا؛ أصابه سُعار الحرص والجشع، فهو يطمع ولا يقنع، ويجمع ولا يدفع، يأكل كما تأكل الأنعام، ويشرب كما تشرب الهيم، ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: {من سعادة ابن آدم: رضاه بما قضى الله، ومن شقاوة ابن آدم: سخطه بما قضى الله} رواه الترمذي.

ولقد كتب الفاروق إلى أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما يقول له: [[أما بعد: فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى، وإلا فاصبر]] .