الأمر الثاني: فهو الترويض والتنشئة على استسهال نقد نصوص السنة دون مسوغات شرعية، والجرأة على مواجهتها بأنها تخالف العقول مما سبب قلة الاكتراث بها وذوبان هيبتها في نفوس المشاهدين لذلك أو المستمعين له على وجه التلقي والقابلية، حتى يكون أسهل شيء لدى البعض أن ينتقد حديثاً صحيحاً: إما بتكذيبه، أو بدعوى مخالفته للعقل؛ فيتلاعب جمهور الدهماء بذلك، وينتهكون حرمة النص النبوي، ويسيئون الظن به.
ولقد أحسن ابن القيم رحمه الله في وصف أمثال هؤلاء بقوله: ومن ذلك تلاعبهم بالنصوص، وانتهاك حرماتها، فلو رأيناهم وهم يلوكونها بأفواههم، وقد خلت بها المثُلات، وتلاعبت بها أمواج التأويلات، وتقاذفت بها رياح الآراء، واحتوشتها رماح الأهواء، ونادى عليها أهل التأويل في سوق من يزيد، فبذل كل واحد في ثمنها من التأويلات ما يريد إلى أن يقول رحمه الله: فلا إله إلا الله والله أكبر! كم هدمت بهذه المعاول معاقل الإيمان! وثلمت بها حصون حقائق السنة والقرآن! وكم أطلقت في نصوص الوحي لسان كل جاهل أخرص ومنافق أرعن!