إن علينا جميعاً كمسلمين أن نشد عزائمنا؛ لصيانتها ما أمكن من أي ضياعٍ في مرحٍ أو لهوٍ غير سليم، أو مما إثمه أكبر من نفعه، فلا ينبغي للمسلمين أن يُطلقوا لأنفسهم العنان في الترويح، بحيث يزاحموا آفاق العمل الجاد، واليقظة المستهدفة، ولا أن يشغل عن الواجبات، أو تضييع الفرائض والحقوق بسبب الانغماس فيه، إذ ليس استباحة الترويح مضيعة للجد وما هو إلا ضربٌ من ضروب العون وشحذ الهمة على تحمل أعباء الحق، والصبر على تكاليفه، والإحساس بأن ما للجد أولى بالتقديم مما للهو والترويح، وبهذا يُفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم لـ حنظلة بن أبي عامر -رضي الله عنه- وقد شكا إليه تخلل بعض أوقاته بشيءٍ من الملاطفة للصبيان والنساء، فقال له صلى الله عليه وسلم:{ولكنْ ساعةً وساعة} أمَّا أن يُصبح الترويح للنفس طابع الحياة في الغدو والآصال، والخلوة والجلوة، وهماً أساسياً من هموم المجتمعات في الحياة، فهو خروج به عن مقصده وطبيعته، واتجاه بالحياة إلى العبث والضياع، والإنسان الجاد عليه أن يجعل من اللهو والترويح له ولمن يعوله وقتاً ما، ويجعل للعمل والجد أوقاتاً لا العكس، لاسيما ونحن نعيش في عصرٍ استهوت معظم النفوس فيه كل جديد وطريف، حتى صارت أكثر انجذاباً إلى احتضان واعتناق ما هو وافد عليها في ميدان اللهو والمرح.
ولا غرو في ذلك عباد الله! فإن الاسترخاء الفكري وهشاشة الضابط القيمي لدى البعض منا هما أنسب الأوقات لنفاد الطرائف والبدائع إلى النفوس، وهنا تكمل الخطورة ويستفحل الداء.