ألا إن من دعائم الإسلام الراسخة تحقيق روح الإخاء والتضامن الإسلامي بين المسلمين بعامة، فيأخذ القوي بيد الضعيف، ويشد المقتدر من أزر العاجز، كما أن من الواجب عليهم أن يبحثوا في كل مظِنة ضعف عن سبب قوة، ولو أخلص المسلمون في طِلاب ذلك لاستحصلوه، ولصار الضعف قوة؛ لأن الضعف قد ينطوي على قوة مستورة، يؤيدها الله بحفظه ورعايته، فإذا بقوى الضعف تهد الجبال وتحير الألباب:{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}[الفتح:٧] .
سمع معاوية رضي الله تعالى عنه وأرضاه أن رجلاً من أعدائه شرب عسلاً فيه سم فمات، فقال رضي الله عنه:[[إن لله جنوداً منها العسل]] إن الحديث عن القوة النابعة من الضعف ليست دعوة إلى الرضا بالضعف أو السكوت عليه، بل هو دعوة إلى استشعار القوة حتى في حالة الضعف، وما أدراكم ربما صحت الأجسام بالعلل! فينتزع المسلمون من هذا الضعف قوة تحيل قوة عدوهم ضعفاً، وينصرهم الله نصراً مبيناً، قال تعالى:{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}[الأنفال:٤٤] .
فاتقوا الله معاشر المسلمين، وكونوا جميعاً على خندق واحد مع إخوانكم المسلمين في كل مكان، أقيموا العزم في وجه التهاون، والشدة في وجه التراخي، والقدرة في وجه العجز، وأما أهل الكفر والإلحاد فقد كفاناهم الله بقوله:{لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}[آل عمران:١٩٦-١٩٧] .
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا إن صواباً فمن الله، وإن خطأ فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنه كان غفاراً.