عباد الله: إننا لنعلم بالضرورة، أنه لا يجوز للناس أن يتخذوا غير الله رباًَ أو حكماً، وأن من فعل ذلك أو همَّ به فهو جاحد للحق، خائن للنعمة، وكذا من اتبع غير ما شرعه الله، أو حكم بغير ما أنزله الله، إنما هو مهمل للتشريع الإلهي، ومعتنق للقوانين البشرية، في عبث شائن، وجاهلية منكرة:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً}[الأنعام:١١٤] .
لم تترك أحكام الله إلا ببواعث الهوى، غير أنه منظم مُزَوَّق، وكأنه منطق العقل الرشيد، وهدي المصلحة الزائفة التي لا تتصل بحنايا القلوب:{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}[البقرة:١٤٧]{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ * لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[القصص:٨٧-٨٨] .
إن الشريعة الإسلامية ضمانة للصالح العام، وهي مبنية على الرحمة والعدل، والخير الذي يأمر الله عباده به -وما يأمر إلا بخير، تعود غايته لإسعاد الناس في عاجلهم وآجلهم- والشر الذي نهاهم عنه، وما ينهى إلا عن شر، ليس إلا وقاية لهم من أذىً قريب أو بعيد، أو من سوء مغبة جلية أو خفية.