أيها المسلمون! الفِطَر السليمة والأنفس السوية تجفل بطبعها من ظهور السوأتين، وتحرص أشد الحرص على مواراتهما، والذين يحاولون في تبعيتهم النكوص عن هذه الحقيقة على علم أو جهل بما يطلقون من دعوات هنا وهناك عبر ألسنتهم وأقلامهم ومقدراتهم لتأصيل هذه المعرَّة، هم الذين يريدون سلب خصائص فطرة الإنسان، وهم الذين ينفِّذون بالحرف الواحد المآرب الصهيونية الرهيبة عبر مقرراتهم المرقومة؛ لإشاعة الانحلال بين بني الإسلام.
وإن تعجبوا -عباد الله- فعجبٌ أن اليهود هم أول من شنَّ الحرب على نزع الستر وإظهار السوأة منذ أن تآمر رجلان منهم في سوق بني قينقاع على نزع حجاب امرأة وكشف سوأتها، حينما كانت جالسة في السوق، فربطوا خمارها بطرف ثوبها، فلما قامت واقفة بدت سوأتها للناس، فاستغاثت بمن حولها، ثم توالت بعد ذلك أحداث شبيهة
كما ذكر ابن الأثير في كامله عن شابين من قريش رأوا امرأة جميلة من بني عامر في سوق عكاظ، وسألوها أن تسفر عن وجهها فأبت، فامتهنها أحدُهم، فاستغاثت بقومها حتى كان ذلك سبباً في اليوم الثاني من أيام حروب الفجار المشهورة.
العري -أيها المسلمون- سِمة حيوانية بهيمية، ولا يميل إليه إلا من هو أدنى من الإنسان، ومتى رؤي العُري والتعرِّي جمالاً وذوقاً وتقدماً ومسايرةً لركب الغافلين فقولوا على الفطرة: السلام، ولتبدأ الآذان صاغية في سماع ما يُبكي ويُحزن من مآسي الفتن، والتنويع في الانسلاخ، والتجرد عن قيم الإسلام، ناهيكم عن سوء العواقب الموخزة، وحينئذٍ واقعون ولا محالة فيما حذرنا منه الباري بقوله:{يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءاتِهِمَا}[الأعراف:٢٧] .