ولا شيء يخفف أثقال الحياة، وأوزار المتاعب عن كاهل الزوجين كمثل أحدهما للآخر، ولا شيء يبعد الإنسان عن مصائبه في نفسه وغيره مثل المرأة للرجل، والرجل للمرأة، فيشعر المصاب منهما بأن له نفساً أخرى تمده بالقوة، وتشاطره مصيبته، فهذه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كانت له في المحنة قلباً مع قلبه العظيم، وكانت لنفسه صلى الله عليه وسلم كقول "نعم" فكأنها لم تنطق قط "لا" إلا في الشهادتين، وما زالت رضي الله عنها تعطيه من معاني التأييد والتهوين، كأنما تلد له المسرات من عواطفها كما تلد الذرية من أحشائها، بمالها تواسيه، وبكلامها تسليه:[[كلا والله، لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق]] .