وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، سيد البشر، والشافع المشفع في المحشر، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه السادة الغُرَر.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله! واعلموا أن ثالثة الأثافي من أمور الجاهلية هي: دَيْدَن الجاهلية المتمثل في ظنهم المقلوب: أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة ورفعة، وأن السمع والطاعة والانقياد ذلٌّ ومهانة، ونقص في الرجولة والعلم، فخالفهم المصطفى في ذلك في السمع والطاعة في المنشط والمكره للولاة الشرعيين، بالبيعة الشرعية، وأمر بالصبر على جَور الولاة، وعدم الخروج عليهم، مع بذل النصح والإرشاد لهم، فغلَّظ في ذلك وأبدى وأعاد، بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه، حيث يقول:{من كره من أميره شيئاً فليصبر؛ فإن من خرج عن السلطان شبراً مات ميتة جاهلية} رواه البخاري ومسلم.
فهذه الأمور الثلاثة التي مضت جَمَعَها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:{إن الله يرضى لكم ثلاثاً: ألا تعبدوا إلا الله، ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولَّاه الله أمركم} .