عباد الله! العشرة الزوجية ضرب من المحبة في النفس، ليس له في أنواعه ضريب؛ فهو الذي يسكن به الزوجان، وهو الذي يلتقي به بشران، فيكون كُلاً منهما متمماً لوجود الآخر، ينتجان بانتقائهما بشراً مثلهما {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً}[النحل:٧٢] .
إن اختلال العشرة بين الزوجين يُزكي نار الفرقة، وكثرة الخصام تضرم غبارها، ولو أحب الأزواج أنفسهم حُباً صادقاً، وسكن بعضهم إلى بعض لوادَّ كُلاً منهما الآخر، ووادَّ لأجله أهله وعشيرته؛ لأن المودة بين الزوجين سبب من أسباب سعادة العشيرة، وسعادة العشيرة سعادة للأمة المؤلفة من العشائر المؤلفة من الأزواج، فهذا التآلف والتأليف هو الذي يتكون منه ميزات الأمة، فما يكون عليه من اعتدال وكمال يكون كمالاً في بنية الأمة واعتدالها، وقرة عين لمجموعها، وما يطرأ عليه من فساد واعتلال يكون مرضاً للأمة يوردها موارد الهلكة، فمن لا خير فيه لأهله لا خير فيه لأمته، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:{خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي} .