لقد كثر الطلاق اليوم لما كثر الحسدة والواشون، فنكسوا الطباع، وعكسوا الأوضاع، وصيروا أسباب المودة والالتئام عللاً للتباغض والانقسام، ولربما كان لأهل الزوجين مواقف ظاهرة بدت سبباً مباشراً في كثير من الخلافات، فقد يتدخل الأب، وقد تتدخل الأم أو الأخ أو الأخت، فيحار الزوج من يقدِّم: أيقدم والديه الذي عرفاه وليداً وربياه صغيرا؟ أم يقدم الزوجة التي هجرت أهلها وفارقت عشها من أجله؟
إن هذه لمرتقاة صعبة؛ أهونها أصعب الصعاب، وأحلاها أمر من المر، وأوجعها أضيق من الضيق، إن مثل هذه التدخلات في الحياة الزوجية لهي مكمن خطرٍ لدى كثير من الأسر، فما بال أولئك يهجمون على البيوت فيأتونها من ظهورها، ويمزقون ستارها، ويهتكون حجابها، وينتزعون الخرائج من أكنافها، والفرائد من أصدافها، ويوقدون العداوة والبغضاء بين الزوجين، ماذا يكون أثر هؤلاء في البيوت التي تتكون منها الأمة وفي الأمة المكونة من البيوتات؟
إنه لا يغيب عن ذهن عاقل أن شرهم مستطيل، وأن ما يفعلونه فتنة في الأرض وفساد كبير.
عباد الله! إن العلاقات الزوجية عميقة الجذور، بعيدة الآماد، فرحم الله رجلاً محمود السيرة، طيب السريرة، سهلاً رفيقاً بيناً رؤوفاً رحيماً بأهله، لا يكلف زوجته من الأمر شططاً، وبارك الله في امرأة لا تتطلب من زوجها طلباً، ولا تحدث عنده لفظاً، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:{إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشرها} رواه أبو داود، ويقول صلوات الله وسلامه عليه:{إذا صلت المرأة خمسها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت} رواه ابن حبان.
ولهذا كله يفهم الرجل أن أفضل ما يستصحبه في حياته، ويستعين به على واجباته، الزوجة اللطيفة العشرة، القويمة الخلق؛ وهي التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره، إن هذه الزوجة هي دعامة البيت السعيد، وركنه العتيق، {فالصالحات قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}[النساء:٣٤] .
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه كان غفاراً.