للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة الكفر بالطاغوت]

أيها المسلمون: قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:٣٦] قال العالم المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: فأما صفة الكفر بالطاغوت أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها وتبغضها وتكفر أهلها وتعاديهم.

وذكر رحمه الله من نواقض الإسلام: من لم يكفر المشركين أو يشك في كفرهم أو يصحح مذهبهم؛ كفر.

وقال رحمه الله: ومظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين كفر، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:٥١] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {والذي نفس محمدٍ بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به؛ إلا كان من أصحاب النار} رواه مسلم.

هذا الركن الركين والحصن الحصين، مالت نفوسٌ ضعيفة اجتالتها الشياطين عن فطرة التوحيد، مالت بهم إلى نبذهم لواقع حياتهم، فيما يسمونه بالعالمية أو زمالة الأديان، أو التطبيع بين الكفر والإسلام، ومعنى تلك المسميات كلها: هو توسيع دائرة الولاء بحيث يدخل فيها كل الأقوام والأديان والأوطان، حتى يصبح المسلم لا يشعر بالفارق بينه وبين غيره من الكفار في بقاع الأرض، وقد يطبع على هذا المبدأ الباطل، شعارات براقةٌ خادعة، كالحرية والإخاء، والعدل والمساواة، وبذلك تطمس عقيدة الولاء والبراء، وذروة سنام الإسلام وهو الجهاد في سبيل الله، وقد ذم الله هذا الصنيع وحذر منه بقوله: {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً} [الأعراف:٨٦] .

فاتقوا الله -أيها المسلمون- وعودوا إلى دينكم عوداً حميداً، اتقوا الله والتفتوا إلى واقعكم، انظروا إلى دماء الأبرياء من بني ملتكم تصرخ ولا مغيث!

إن ضعف المسلمين واستكانتهم؛ جعلت من دم المسلم عملة رائدة في سوقٍ سوداء، لا تخضع لنظام، ولا يحميها قرار.

أيها المسلمون: استمعوا إلى نصح ربكم في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران:١١٨-١٢٠] .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.