للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقترحات للاستفادة من الوقت]

فيا أيها الناس: إن ما مضى ذكره حول السياحة بين المفهوم الصحيح والمفهوم الخاطئ، وما أشرنا إليه من جهة التحريم والنهي، فإن المنع قد يُرفع عند الضرورة الملجئة، وللضرورة أحوالُها.

بَيْدَ أن هناك أمراً يجدر الاهتمام به، وهو أن هذا المنع لا يدل من قريب ولا من بعيد على ألا يكون للمسلمين ما يُسمى على لغة الكثيرين: التنسيق السياحي، أو بعبارة أخرى أصح: فُرص استغلال الأوقات؛ لأجل أن يستغنوا عن السفر إلى بلاد الكفار، أو ما يشابهها، وفي الوقت نفسه لا يُفهم من هذه الدعوة أن يكون الحل في استجلاب ما عند غيرنا إلى أرضنا، فتكون الثمرة هي فحسب استبدال المواقع، فيكون حشفاً وسوء كيلة بل ينبغي أن يكون الأمر أعظم وأجلَّ.

إنه مبني على كوننا مسلمين، نعمل ونسعى ونرتقي من خلال ما شرعه الله لنا، فإنشاء الدورات الصيفية، والجمعيات الخيرية، من تحفيظ للقرآن، أو تنشيط ثقافي نافع، أو نحو ذلك مما يُستغل به أوقات الجمهور، وإن لزم الأمر سيُقتصر حينئذ على المباح، إذ ما بعد المباح إلا ما حرَّم الله {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} [يونس:٣٢] مع الحذر الحذر!! أن تُقلب المفاهيم، وأن تكون فُرص التنشيط السياحي مثالاً للهو والعبث، والضج والضجيج، والعزف والطرب، وبذل الوقت والمال فيما حرَّم الله ورسوله، فكم من مظاهر عريضة مفتعَلة لها ضجيج وطنين، يَتْبَع الأسماع والأبصار، تمتد ألوانها إلى أوقات متأخرة ليلاً؟ ولسان الحال يقول:

يا ليل هل لك من صباح؟ أم هل لصبحك من براح؟

ضل الصباح طريقه والليل ضل عن الصباح

ثم ينجلي أمرها، فإذا هي هشيم تذروه الرياح، وإذا كنا نرى السفر إلى بلاد الكفار داءً يجب علاجه؛ فإن الله جلَّ وعلا لم يجعل شفاء أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيما حرَّم عليها، وإنَّ استئناس كثير من الغافلين بما حرَّم الله لا يعني البتة التطلُّع إلى تنفيذ رغباتهم، والقاعدة الشرعية المقررة من خلال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن {من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه، وأرضى الناس عنه} .