للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنن السفر]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نرجو بها النجاة من عصيانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.

أما بعد:

فاتقوا الله معاشر المسلمين! واعلموا أن الإسلام قد عني بالسفر عناية فائقة، فجعل له أحكاماً تخصه، من سنن، وآداب، وواجبات، ومحرمات، ومكروهات، ينبغي ألا يغفل عنها كل مسافر.

كما يُؤَكَّد على إحياء السنن المندثرة عند السفر، من ذلك:

١- ذكر الوداع بقوله لمن يودعهم: استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

٢- وكذا دعاء الركوب على الدابة، والتكبير على كل شرف، والتسبيح إذا هبط وادياً.

٣- وذكر إقبال الليل أثناء السفر، كأن يقول: يا أرض ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك، ومن شر ما فيك، وشر ما خُلق فيك، وشر ما يدب عليك، وأعوذ بالله من أسد وأسود، ومن الحية والعقرب، ومن ساكن البلد، ومن والد وما ولد.

٤- وأن يقول إذا نزل منزلاً: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق، فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك.

وقد قال القرطبي رحمه الله: هذا خبر صحيح، علمنا صدقه دليلاً وتجربة، منذ سمعتُه عملتُ به، فلم يضرني شيء إلى أن تركتُه فلدغتني عقرب ليلة، فتفكرت فإذا بي نسيتُه.

٥- كما يُستحب للمسافر -عباد الله- إذا بدا له الفجر، وهو في السفر أن يقول ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاله حينما بدا له الفجر: {سمّع سامع بحمد الله، وحسن بلائه علينا، ربنا صاحِبْنا في السفر وأفضل علينا، عائذاً بالله من النار} رواه مسلم.

وغير ذلك من السنن كثير وكثير، يطول المقام بذكرها، غير أنا نوجه بأن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم بآداب السفر من ذكر وتكبير وتسبيح كأنه يعني بالتعريف أن القافلة المسافرة كلها في صلاة، وما هي إلا صور تجعل من تمجيد الله شغل قافلة السفر، ومن ذكره والثناء عليه السمو الذي تطمئن به قلوب ذاكريه.

ومن ثم يشعر المسافر باختصار السفر وسهولته، فينجو من وعثائه وكآبته.

هذا، وصلوا رحمكم الله على خير البرية، وأزكى البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] .

وقال صلوات الله وسلامه عليه: {من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً} .

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين, واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، وسلِّم الحجاج والمسافرين والمعتمرين في برك وبحرك وجوك، يا رب العالمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، يا رب العالمين.

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه، من الأقوال والأعمال، يا حي يا قيوم.

اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم ما سألناك فأعطنا، وما لم نسألك فابْتَدِئنا، وما قَصُرت عنه آمالنا من الخيرات فبلغنا.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.