[الأفكار الخاطئة عن الزواج]
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.
أما بعد:
اتقوا الله معاشر المسلمين! ثم اعلموا أن ثمة سبب ثالث من أسباب تلك الظاهرة.
السبب الثالث: وهو ما يردده بعض أرباب الأفكار اللقيطة، من الذين يبثون سمومهم عبر زوايا متعددة، يقررون من خلالها أن التبكير في الزواج عمل غير صالح، وضرب من ضروب التغرير بالمراهقين، وأنه لا ينبغي أن يغامر شاب ما بعملية الزواج قبل التزود الكافي من التجارب، وفي ذلك يقول قائلهم: لا قبل لي بهذا المعنى الذي يسمونه الزواج، فما هو إلا بيت ثقله على شيئين: على الأرض وعلى نفسي، وأطفال يلزمونني عمل الأيدي الكثيرة من حيث لا أملك إلا يدين اثنتين، وأتحمل منهم رهقاً شديداً، ومن ثم سيصبحون عالة على المجتمع، ومن ذا الذي تعرض عليه الحياة سلامها وأشواقها في مثل رسالة غرام ثم يدع ذلك كله ويتزوجها.
فكأنه بذلك يسألها غضبها وخصامها في نحو قضية من قضايا المحاكم، كل ورقة فيها تلد ورقة.
ولا غرو -أيها المسلمون- أن يكون لهذا الصدى آذان صاغية من فتيات وفتيان، يكونون من خلالها قناعات واهية كبيت العنكبوت أو هي أوهى، حتى يقف بهم الأمر إلى أن يكون الواحد منهم خواراً جباناً لا يستطيع أن يحمل أثقالاً مع أثقاله، ويستوطن العجز والخمول؛ فلا يكون إلا قاعد الهمة رخو العزيمة، وكل شاب أو شابة يردد مثل هذه الترهات فهو حادثة ترتدف الحوادث وتستلزمها، ولا يأتي السوء إلا بمثله أو بأسوأ منه، فيشهد العزاب والعوانس على نفوسهم أنهم مبلوون بالعافية، مستعبدون بالحرية، مجانين بالعقل المزعوم، مغلوبون بالقوة، أشقياء بسعادتهم الموهومة، وما علم هؤلاء وأمثالهم أنه بالنكاح يلتئم الشمل، ويلم الشعث، وتسكن النفس، وتتم به نعمة الله على الولود ويحصل الولد، ومن رغب عن النكاح من دون ما سبب فقد ترهب، وعنده ينقطع نسل من بني آدم، يقول الله جل وعلا: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور:٣٢] .
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: [[أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح؛ ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى]] .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!
اللهم إنك أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا بلاء ولا غرق، اللهم لتحيي به البلاد وتسقي به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.