للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الموضة وخطرها على الأمة]

حدثوا -أيها المسلمون- ولا حرج! عن انهماك (المجوع) بما يسمى على لغة العصر: الموضة؛ حيث يتلاعب مصممو اللباس بنفسيات الجنسَين في جذب أنظارهم تجاه كل لباس مستحدَث، مهما كان انسلاخه من معاني الرجولة، أو سمات الأنوثة العفيفة المصونة، استنزاف للأموال، واستخفاف بالرعاع، ونشر للفاحشة كيفما نشر، بعرض المفاتن، وسبل الإغراء، حتى أصبحت الموضة متِكْأةً للإثراء ووأد العفاف لدى كثير من الشعوب.

والزمن كفيل في أن يثير جمهور اللاهثين في قبول الإحداث المتجدد المتراوح بين انتشار ما يُلبس دون الركبة أو فوقها، أو ما يُفتح من الجانبَين ليبدو ما يتمنى المرء المسلم معه الموت ولا أن يرى يوماً ما شيئاً من ذلك في محارمه أو أقاربه، ولا أن يكون ضحية لمشاهدة ما يستفز العيون من محاجرها، مشرئبة لتتقد كوامن الشهوة كالنار المتأججة في الصدر، والتي يُتَرْجم عوارها عبر جوارح المغفلين.

إنه التفنن في إذابة الأعراف وإغراء الشعوب بما يُبعدهم عن ربهم وخالقهم، التفنن في تعويد المرأة على أن تبدو سافرة، وعلى أن تقنع نفسها بأن حياتها ومستقبلها مُرتهن بما تبديه من إغراء، وتفنن في عرض التقاسيم البدنية عبر مدارك الأزياء المتجددة، التي ربما كان المشي بها أصعب من مشي على حبل مما بها من ضيق، أو كمشي المجندل بالحديد، ولن تستطيع صعود درجة إلا بكشف ساقيها، والمتحجبة منهن ربما تفننت في تقشيب الحجاب وإحالته إلى وضع أشد فتنة من ثوبها وصورة وجهها، ولطالما فتنت بعض العباءات السود ألبابَ الرجال؛ فكم من عباءة هي في الحقيقة أشد ما تكون إلى عباءة أخرى تسترها؟!

وأما الشباب فحدثوا ولا حرج عن تململهم بلباسهم الرجولي، وغدَوا في إشفاق مشين بلباس أهل الفن والمجون، حتى لقد أصبح المرء الغيور يرى من أحوالهم ما يحترق به بصره مرة تلو الأخرى أهكذا زي شباب المسلمين؟!

إن أحدنا ليضع كفه على ذقنه ويقرع سنه حيرةً، يُسائل نفسه: لِمَ، ومم، ولأي شيء يستنكف الناس لنداءات الفطرة، وحدود شرعة الله ومنهاجه؟!

إن مردَّ ذلك كله إلى إفساد البنت والشاب؛ إذ معظم ممتهني دور التصاميم والأزياء هم من اليهود في عواصم الغرب، فهم بيوت الألبسة ومصمموها، وهم أساتذة التجميل ودكاكينه.

بل لَمْ يكتفِ أولئك بعقلاء الجنسَين حتى امتدت مآربهم إلى مَن هُم قبل سن التكليف من صبيان وبنات، فأُشربوا من خلال ملابس الأطفال المنتشرة في المعمورة، والتي لا تمت للحشمة بصِلَة، أشكال وألوان من الضيق تارة، ومن العاري أخرى، ومن القصير الفاضح كرَّات وتارات! هي ملأى بالصور أو بالعبارات الرقيعة، قد لا يفهم جُلَّ اللابسين المراد منها، ولا تسألوا بعد ذلك عن حال الطفل أو الطفلة بعد الكبر، إنَّ كُلّاً منهما لَمْ يُعَوَّد يوماً ما على الستر الشرعي.

إن الأب والأم إن كُتِبَ لهما الوعي والحرص بعد ذلك على سترهما سيجدان المرارة والعي في الإقناع به، وللأبوَين نقول:

اليدان أوكتا والفم نفخ!

وعند سؤال المكابرين منهم يقولون: ماذا نفعل؟! هكذا يلبس الناس، وهكذا يريد الناس، ولَعَمْرُ الله -أيها المسلمون- كم يجلس الغيور الصادق يبحث جاهداً لأطفاله، متسوقاً في كل مجمع، يعز عليه أن يجد المكسي من الثياب، ويعيه طِلابه، فالله المستعان!