فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى؛ فإنها الأمن عند الخوف، والنجاة عند الهلاك، بها يشرف المرء وينبل، وبالنأي عنها يذل العبد ويسهل، وهي وصية الله للأولين والآخرين:{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة:١٠٠] .
أيها الناس: في ظل الأمن والأمان تحلو العبادة، ويصير النوم سباتاً، والطعام هنيئاً، والشراب مريئاً.
الأمن والأمان هما عماد كل جهد تنموي، وهدف مرتقب لكل المجتمعات على اختلاف مشاربها؛ بل هو مطلب الشعوب كافة بلا استثناء، ويشتد الأمر خاصة في المجتمعات المسلمة، التي إذا آمنت أمنت، وإذا أمنت نمت، فانبثق عنها أمن وإيمان ونماء، إذ لا أمن بلا إيمان، ولا نماء بلا ضمانات واقعية ضد ما يُعكِّر الصفو في أجواء الحياة اليومية.
إطراء الحياة الآمنة، هو ديدن كافة المنابر، لما للأمن من وقع في حس الناس، من حيث تعلقه بحرصهم على أنفسهم، فضلاً عن كونه هبة الله لعباده، ونعمةً يُغبط عليها كل من وهِبها، ولا غرو في ذلك! فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:{من أصبح آمناً في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها} .