للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دعوة للبر والإنفاق وتكاتف الجهود]

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله واعلموا أننا بحمد الله نعيش منجاةً من القتال وأهواله، والحروب وبلاياها، وما لنا عدو يحاربنا، وما عدونا إلا من يحارب إخواننا في الملة والدين، وارتضوا لهم أن يجوعوا ويعروا فأرهقوهم نهاراً، وأوحشوهم ليلاً، والذي ينبغي على المسلمين بعامة أن يقفوا مع إخوانهم المستضعفين، ويكونوا لهم سنداً وعضداً، وأن يقيموا العزم في وجه التهاون، والشدة في وجه التراخي، والقدرة في وجه العجز، وبذلك كله يصبحون شركاء متعاونين، متأولين قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: {انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً} .

وإن الواجب على الأمة المسلمة أن لا تعظم الدينار والدنيا؛ لئلا تستعبدها المعاني المنحرفة بالنظرة للمال والحياة، فيكنز الغني مالاً، ويكنز الفقير عداوة، وليعلم الجميع أن العزة في الإسلام بإنفاق المال لا بإمساكه، وفي بذل الحياة لا بالحرص عليها، وفي اعتبار الغني من يعمل بماله لا من يجمع منه، هذا هو الإسلام الذي غلب الأمم؛ لأنه قبل ذلك غلب النفوس والشهوات.

وفي ظل هذه الظروف الحالكة يقيِّض الله نفوساً سوية في أقطار شتى؛ تشد من أزر المنكوبين، وفي مهبط الوحي ومنبع الرسالة على مستوى المؤسسات والهيئات الإغاثية؛ يشرف عليها ولاة الأمر في هذه البلاد، وفقهم الله للهدى والسداد، تعد بارقة أمل، وومضة تفاؤل بأن في الأمة خيراً، ينبغي أن يذْكَى على كافة الأصعدة، إعلاماً وصحافةً، وهيئاتٍ ومؤسسات، ولن تذهب تلك الجهود سدى؛ إذا حسن العمل، وخلص القصد.

فعليك -أيها المسلم- أن تساهم بما تستطيع لتكفل يتيماً، أو تجير ثكلى، وتئوي شيخاً، وتكتنف شاباً، وتستر شابةً، وتؤنس مستوحشاً، ولا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو كان قليلاً؛ فإن القليل بالقليل يكثر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {سبق درهم ألف درهم} رواه النسائي وهو حديث صحيح.

وإننا لنعلم أن في الموسرين محسنين، وفي التجار منصفين، ولكن في الموسرين من يريد الإحسان ولكنه لا يذَكَّر، ومن المضطهدين من يريد الإحسان فيشق أن يُعْثَر، فإذا تكاتفت الجهود، وتصافحت الأكف بورك في العمل، وبلغ كل شيء مبلغه قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢] وقال عز من قائل عليما: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:٢٥٤] وقال سبحانه وتعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد:٧] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله! ما منا أحد إلا ماله أحب إليه.

قال: فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر} رواه البخاري وقال صلوات الله وسلامه عليه: {يقول العبد مالي مالي، وهل له من مالِه إلا ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى.

ما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس} رواه مسلم.

فيا أيها الأغنياء: شمروا عن سواعد الإنفاق فإن النعم لا تدوم، وإن بعد اليوم غداً، وإن بعد الحياة موتاً، وإن بعد الموت لحساباً، وإنما أموالكم عوان وأمانات عندكم، استودعكم الله إياها ابتلاءً وامتحاناً لينظر كيف تعملون.

وما المال والأهلون إلا ودائعٌ ولا بد يوماً أن تُرَد الودائعُ

وما المرء إلا كالشهاب وضوءه يحول رماداً بعد إذ هو ساطعُ

هذا وصلوا -رحمكم الله- على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بالصلاة عليه في قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين.

اللهم من أراد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره يا سميع الدعاء.

اللهم منزل الكتاب، مجري السحاب، هازم الأحزاب، اللهم اهزم الصرب وأعوانهم وانصر البوسنة عليهم يا قوي يا عزيز، اللهم فرج عن إخواننا في البوسنة والهرسك، اللهم فرج عن إخواننا في البوسنة والهرسك، اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، نسألك اللهم أن تنصر إخوانَنا في البوسنة على الصرب وأعوانِهم، اللهم إن نسألك أن تنصر إخواننا في البوسنة والهرسك على الصرب وأعوانِهم يا قوي يا عزيز! يا سميع الدعاء! يا من لا يُهزَم جندك إنك قوي عزيز.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا دَيناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا حاجة من حوائح الدنيا والآخرة هي لك رضىً ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها، ويسرتها برحم