أيها المسلمون: إن للمسكرات والمخدرات مضاراً كثيرة، أثبتها الطب العصري، وأكدتها تجارب المجتمعات، وذكروا فيها أكثر من مائة وعشرين مضرة دينية ودنيوية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"إن الحشيشة حرام يحد متناولها كما يحد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجل تخنث ودياثه وغير ذلك من الفساد، وإنها تصد عن ذكر الله" انتهى كلامه رحمه الله.
ومن أعظم مضار المسكرات والمخدرات: أنها تفسد العقل والمزاج، وما قيمة المرء إذا فسد عقله ومزاجه؟! يتعاطى المسكرات والمخدرات، فيرتكب من الآثام والخطايا ما تضج منه الأرجاء، وما يندم عليه حين يصحو، ولات ساعة مندم! ولقد روى القرطبي رحمه الله في تفسيره: أن أحد السكارى جعل يبول ويأخذ بوله بيديه ويغسل به وجهه وهو يقول: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين.
قال الضحاك بن مزاحم -رحمه الله-لرجل: ما تصنع بالخمر؟ قال: يهضم طعامي، قال: أما إنه يهضم من دينك وعقلك أكثر.
وقال الحسن البصري رحمه الله: لو كان العقل يشترى لتغالى الناس في ثمنه، فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده.
أيها الناس: في بلاد المسلمين كثرت حوادث المخدرات من مروجين ومدمنين، وكثرت الجرائم بتعاطيها، وأصبحت مكافحة المخدرات قضية تشغل الحكومات المختلفة، وكل هذا يتم في غياب وازع الإيمان والدين والتقوى، فاتقوا الله أيها المسلمون، واتقوا المسكرات والمخدرات، واتقوا الخمر فإنها أم الخبائث.
أخرج النسائي وابن حبان في صحيحه أن عثمان رضي الله عنه قام خطيباً فقال:[[أيها الناس: اتقوا الخمر فإنها أم الخبائث، وأن رجلاً ممن كان قبلكم من العباد كان يختلف إلى المسجد فلقيته امرأة سوء، فأمرت جاريتها فأدخلته المنزل، فأغلقت الباب وعندها باطية من خمر، وعندها صبي، فقالت له: لا تفارقني حتى تشرب كأساً من هذا الخمر أو تواقعني أو تقتل الصبي وإلا صحت -أي: صرخت وقلت: دخل علي في بيتي، فمن ذا الذي يصدقك؟ فضعف الرجل عند ذلك وقال: أما الفاحشة فلا آتيها، وأما النفس فلا أقتلها، فشرب كأس الخمر.
فقال: زيديني فزادته، فو الله ما برح حتى واقع المرأة وقتل الصبي]] .
قال عثمان رضي الله عنه:[[فاجتنبوها فإنها أم الخبائث، وإنه والله لا يجتمع الإيمان والخمر في قلب رجل إلا يوشك أحدهما أن يذهب بالآخر]] قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}[المائدة:٩٠-٩١] .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.