أيها المسلمون: يا حجاج بيت الله الحرام! ما أحوج البشرية في هذا العصر وهي تكتوي بلهيب الصراعات الدموية والنزاعات الوحشية، ما أحوجها وهي تلتفت إلى بيت الله الحرام، إلى أن تخلِّص نفوس أبنائها من الأنانية والبغضاء، والكراهية والشحناء، وترتقي إلى أفق الإسلام السامي، فتتعلم الحياة بسلام ووئام، كما أراد الله لعباده المؤمنين:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[البقرة:٢٠٨-٢٠٩] .
إنه بهذا الصفة، وتلك الجموع، يقرر الإسلام: أنه ليست هناك دواع محفولة تحمل الناس على أن يعيشوا متناكرين، بل إن الدواعي القائمة على الطريق الحق تمهد للمسلمين مجتمعاً متكافلاً، تسوده المحبة، ويمتد به الأمان، على ظهر الأرض كلها، والله عز وجل رد أنساب الناس وأجناسهم إلى أمرين اثنين، ليجعل من هذه الرحب ملتقى تتشابك عنده الصِلات، وتستوثق العُرى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}[الحجرات:١٣] .
إنه التعارف لا التنافر، والتعاون لا التخاذل، فالأرض أرض الله، والكل عباد الله، وليس هناك إلا ميزان واحد، تتحدد به القيم، ويعرف به فضل الناس، ألا وهو التقوى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:١٣] ألا أن الكريم حقاً هو الكريم عند الله، وهو يزنكم عن علم وخبرة:{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[لقمان:٣٤] .
الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر! ولله الحمد!