عباد الله! إذا ما يسرت للمسلم سبل الغواية ودعت إليها الدواعي والمغريات دعاً؛ فهو بحاجة ماسة إلى أن يرى برهان ربه، وأن يسطع نور الهداية في فؤاده، وليس هناك امتحان أقسى من امتحان يتغلب فيه المرء على صبوته وغريزته، تبذل له حسناء نفسها وهو في فحولة الرجولة، وهي في حالة رفيعة من الجمال والجاة فاتنة عاشقة، مختلية متعرضة، منكشفة متهالكة، فحينها لا ينبغي أن ييأس الرجل، إذ إن مطارق الخوف من الله ومراقبته تعينه على أن يرى برهان ربه، وتذكره بقوله تعالى عن يوسف:{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ}[يوسف:٢٣] لقد اجتمع ليوسف عليه السلام من الدواعي لإتيان الفاحشة الشيء الكثير، فلقد كان شاباً وفي الشباب ما فيه {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا}[يوسف:٢٤] وقد غلقت الأبواب وهي ربة الدار، وتعلم بوقت الإمكان وعدم الإمكان، فكان ماذا؟ {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}[يوسف:٢٣] استعاذة وتنزه واستقباح، لماذا؟ وما هو السبب؟
لأنه يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، فأراه الله برهان ربه {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات:٤٠-٤١] .
{كان كفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها، فلما أرادها على نفسها ارتعدت وبكت فقال: ما يبكيك؟ قالت: لأن هذا عمل ما عملته، وما حملني عليه إلا الحاجة.
فقال: تفعلين أنت هذا من مخافة الله؟ فأنا أحرى، اذهبي فلك ما أعطيتك، والله ما أعطيه بعدها أبداً.
فمات من ليلته فأصبح مكتوباً على بابه: إن الله قد غفر للكفل؛ فعجب الناس من ذلك} رواه الترمذي وحسنه الحاكم وصححه فاتقوا الله معاشر المسلمين، وتخلقوا بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، واهتدوا بهديه تفلحوا، ويتحقق لكم ما وعدكم به من الاستظلال في ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله.
اللهم أظلنا تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك.
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه إنه كان للأوابين غفاراً.