لقد تجلت رحمة المصطفى صلى الله عليه وسلم في جوانب كثيرة من حياته؛ حتى لقد أصبحت سمة بارزة لا يحول دونها ريبة أو قتر في كل شأن من شئونه، فهو عطوف رحيم، أرسله إلى البشرية رحمان رحيم، وأشرب لحمه وبل عروقه إملاج حليمة السعدية له، فكان له من اسمها الحلم والسعادة، أخرج مسلم في صحيحه:{أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول الله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[إبراهيم:٣٦] وتلا قول عيسى عليه السلام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[المائدة:١١٨] فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وقال: اللهم أمتي أمتي! وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل اذهب إلى محمد- وربك أعلم- فسله: ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله، فأخبره صلى الله عليه وسلم بما قال، فقال الله: يا جبريل! اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك} الله أكبر! ما أعظم المصطفى صلى الله عليه وسلم! وما أرحمه بأمته! بأبي هو وأمي!
لقد تجلت رحمة المصطفى صلى الله عليه وسلم بأمته؛ حتى بلغت تعليم الجاهل، وتوجيه الغافل، ومناغاة العيال والصبيان:{أقسمت بنت من بناته صلى الله عليه وسلم ليأتينها لأجل ابن لها قبض، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع، ففاضت عيناه، قال سعد: يا رسول الله! ما هذا؟
قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء} رواه البخاري.