من التواضع المحمود: أن يترك المرء التطاول على عباد الله، والترفع عليهم، والإزراء بهم حتى مع وقوع الخطأ عليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:{ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً} رواه مسلم.
ومن ذلك أيضاً: التواضع للدين والاستسلام لشرع الله بحيث لا يعارضه المرء بمعقولٍ ولا رأيٍ ولا هوى، ولا يتهم للدين دليلاً صحيحاً، وأن ينقاد لما جاء به خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، وأن يعبد الله وفق ما أمر به، وألا يكون الباعث على ذلك داعي العادة، وألا ترى لنفسك على الله حقاً لأجل عملٍ عملته، وإنما تعلم أنك ترجو رحمته وتخشى عذابه، وأنك لن تدخل الجنة بعملك وإنما برحمته لك.
كما أن من التواضع المحمود أيضاً: أن تترك الشهوات المباحة، والملذات الكمالية احتساباً لله وتواضعاً بعد التمكن منها والاقتدار عليها دون أن توصف ببخل أو طمعٍ أو شح، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:{من ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه؛ دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها} رواه أحمد والترمذي.
ومما يزيد الأمر وضوحاً: أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن المتواضع حقيقة هو المقتدر على الشيء لا العاجز عن تحصيله، فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{يا عائشة! لو شئت لسارت معي جبال الذهب، جاءني ملك إن حجزته لتساوي الكعبة -أي موضع شد الإزار- فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت نبياً عبداً وإن شئت نبياً ملكاً، فنظرت إلى جبريل عليه السلام فأشار إلي أن ضع نفسك، فقلت: نبياً عبداً} رواه أبو يعلى والطبراني بسندٍ حسن.