للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القلم المؤثر في القلب]

ألا وإن أبلغ الأقلام في الوصول إلى القلب ما لم يكن بالقروي المجدع، ولا البدوي المعُرب، مع ما يتحلَّى به صاحبه من صدق في الحال، ونية في الإصلاح، وإلا فماذا يغني الضبط بالقلم إذا لم يشف من ألم، وحاصل ذلك: أنه ما رُؤي كمثل القلم في حمل المتناقضات، فهو عند اللبيب المهتدي آلة من آلات الخير والبر، ومركبٌ من مراكب البلوغ والنجاح، ورأب صدع الفلك الماخر، وهو عند الوقح السفيه عقرب خبيثة، ودود علق يلاصق لحم من ينال، وبينهما ثالث برزخ يقول فيه بعض أهل العلم: العرب تضرب المثل بحاطب الليل الذي يكتب كل ما يسمع من غث وسمين، وصحيح وسقيم؛ لأن المحتطب بالليل ربما ضم إليه أفعى تنيناً فتنهشه وهو يحسبها من الحطب.

وأهل هذا الصنف سواد في الناس غير خاف لرامق ببصر.

قد يُوفَّق الكاتب في كتابته فيكون لها شأن يظهر عليها منه الجِدَّة وإجادة المطلع وحسن المقطع، مُدعَّمة بالنصوص الشرعية، والأقوال المرعية، فتبهر القلوب، وتأخذ بالألباب حتى يظن القارئ أو السامع أنها غير ما في أيدي الناس وهي مما في أيدي الناس، حيث ترى براعة القلم، وشجاعته، ولطف ذوقه، وشهامة خاطرة، وليس كل خاطر براقاً، وفي الحديث الحسن: {إن من عباد الله من إذا قرأ القرآن رأيت أنه يخاف الله} {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة:٤] .

لقد بُهِرت الأمة بكُتَّابٍ مسلمين في كافة الميادين، شعراء مُلهمين من شعراء الزهد والحكمة كـ أبي العتاهية وأئمة المهديين، أشاعوا العلم ونصروه، ونصروا السنة بأقلامهم، كالأئمة الأربعة، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن القيم، وابن كثير، ومحمد بن عبد الوهاب , وغيرهم كثير وكثير من مجددي ما اندرس من معالم الإسلام.