[عوامل فقدان السعادة]
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصبحه وإخوانه.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن العلم الذي يبصِّر ويهدي، والهمة التي تحفز وترقي؛ إنما هما في الحقيقة مفتاح مراكب السعادة والفلاح، وإنما تفوت هذه المراكبُ على العبد من هاتين الجهتين أو من إحداهما، فإما ألا يكون له علم بها؛ فلا يتحرك في طلبها، أو يكون عالماً بها ولا تنهض همته إليها {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران:١٥٩] .
ألا فاعلموا -عباد الله- أن لفقدان السعادة أبواباً ينبغي إحكام إغلاقها، وكشف عَوارها، فمن ذلك:
أولاً: الغناء:
وهو مزمار الشيطان، ورُقية الزنا، الذي ينبت النفاق والقلق كما ينبت الماء الكلأ والزرع، يقول الله فيه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان:٦] ولقد أقسم ابن مسعود رضي الله عنه ثلاثاً على أنه الغناء.
ثانياً: الصور:
كما أن من مهلكات السعادة جعل البيت المسلم محلاً لمردة الجن وبُعد الملائكة، وذلك متمثل في نشر الصوَر التي حرمها الشارع على جدران البيت، وفي فنائه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة} .
فما بال الكثيرين يُغلقون أبوابهم في وجوه الملائكة، ويستدعون أسباب الشقاء والقلق، ثم هم بعد ذلك ينشدون السعادة بكل ألوانها.
ثالثاً: الذنوب والمعاصي:
ومن ألوان الشقاء: الذنوب والمعاصي، التي قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم: {إن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه} رواه أحمد.
وقد قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في (مسنده) : وُجِد في خزائن بني أمية حنطة الحبة بقدر نواة التمر، وهي في صرة مكتوب عليها: هذا كان ينبت في زمن العدل.
ولذا -عباد الله- فإن سعادة القلب المثمرةَ بركةَ الرزق منوطة بالطاعة والتقوى، ولقد جاء عند مسلم في صحيحه في وصف المهدي المنتظر الحديثَ وفيه: {ويقيم الدين الذي بعث الله به رسوله، وتخرج الأرض بركتها، وتعود كما كانت، حتى إن العصابة من الناس لَيأكلون الرمانة، ويستظلون بقحفها -أي: بقشرها- ويكون العنقود من العنب حِمل بعير} الحديث رواه مسلم.
رابعاً: التهاون بالصلاة:
ومن أسباب القلق أيها المسلمون: التهاون بشأن الصلاة، أو التقليل منها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {وجُعلت قرة عيني في الصلاة} رواه أحمد والنسائي {وكان صلوات الله وسلامه عليه إذا حَزَبَه أمر أو اشتد عليه لجأ إلى الصلاة} رواه أحمد وأبو داوُد.
خامساً: ترك الذكر والدعاء:
ثم إن ترك الذكر والدعاء، والاستغفار محلٌ للشقاء والهم والحزن، ولذا كان لزاماً على من ينشد السعادة ألا يُغْفِل هذا الأمر المهم، بل عليه أن يمسك بزمامه، ويعض عليه بالنواجذ، وليستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: {من لزم الاستغفار؛ جعل الله له من كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب} رواه أبو داوُد والنسائي.
ولقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال: {يا أبا أمامة! ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاة قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله! قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا قلتَه أذهب الله همك، وقضى عنك دينك؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: قل إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبُخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال أبو أمامة: ففعلتُ ذلك، فأذهب الله همي، وقضى عني ديني} رواه أبو داوُد.
هذا، وصلوا -رحمكم الله- على خير البرية، وأزكى البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين, واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.
اللهم فرج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه، من الأقوال والأعمال، يا حي يا قيوم! اللهم أصلح له بطانته، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، ولا تجعلنا من