[تعظيم عمر للهجرة ومخالفته للمشركين]
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقه إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين!
أما بعد:
فيا أيها الناس: لقد كان ابتداء التاريخ الإسلامي الهجري منذ عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، حيث جمع الناس إبان خلافته فاستشارهم من أين يبدأ التاريخ؟ فقال بعضهم: يبدأ من مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: يبدأ من بعثته، وقال بعضهم: يبدأ من هجرته، وقال آخرون: يبدأ من وفاته.
ولكنه رضي الله عنه رجح أن يبدأ من الهجرة؛ لأن الله فرق بها بين الحق والباطل، فجعل مبتدأ تاريخ السنين من الهجرة، ثم تشاوروا من أي شهر يبدءون السنة فقال بعضهم: من ربيع الأول لأنه الشهر الذي قدم فيه النبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة، واتفق رأي عمر وعثمان وعلي رضي اللهم تعالى عنهم على ترجيح البداءة بالمحرم لأنه شهر الله الحرام ويلي ذي الحجة الذي به تمام أركان الإسلام وهو الحج.
فعلينا جميعاً -أيها المسلمون- أن نأخذ بالتاريخ الهجري؛ فأعداء الله حريصون على أن يمسخوا الأمة المسلمة في كل شئونها حتى في تسمية الشهور والأعوام، وإن استبدال تاريخ الكفار بالتاريخ الهجري عدول عن الطريق السوي والمسلك القويم وتشبه بالكفرة والمشركين، والمشاكلة في الأمور الظاهرة؛ توجب مشابهة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخطير، والمشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن؛ فتكون محرمة كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
هذا وصلوا -رحمكم الله- على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بجودك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين!
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.
اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم!
اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروا نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.