للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العجلة المذمومة مواقف وتصرفات]

لقد جاء لفظ العجلة في القرآن الكريم متصرفاً في سبعة وثلاثين موضعاً، كلها على سبيل الذم إلا موضعاً واحداً وهو قوله جل وعلا: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة:٢٠٣] .

أيها الناس: إننا لنجد أن هذه العجلة المذمومة، بادية في كثير من أعمالنا وتصرفاتنا، نجدها في الحكم على الأشخاص قبل البحث والتحري، وفي سوء الظن قبل التثبت واليقين، وفي الغضب والاستجابة لترف النفس المؤدية إلى الوقوع في المحذور، فيستحمق الأمر على عجل، ويكون لسانه وفعله قبل قلبه وعقله، فلا يلزم نفسه ولا يتريث، بل يهذي بكلام ويوكس ويسقط في أفعال يحتاج بعدها إلى اعتذار طويل، وتلفيق ملفت، فيقع فيما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه بقوله: {ولا تتكلم بكلام تعتذر منه غداً} رواه أحمد وابن ماجة.

ونقل أبو حاتم البستي رحمه الله أن أعرابياً شهد شهادةً عند أحد السلف فقال: كذبت، قال الأعرابي: إن الكاذب للمتزمل في ثيابك، فقال الرجل: هذا جزاء من يعجل.

ولربما لم تفلح المعاذير، ولم ترقع الفتوق، كل ذلك لعجلة لحظة كانت كبرق، وبخاصة ما يثير خصومة ويعجل الطلاق، حتى لقد عد يميناً عند الرعاع، وضرباً من اللغو ينقض به كثير من عرى الزوجية؛ فيقع الندم ولات ساعة مندم، ويسبق السيف العذل، ولكل شيء في الحياة وقته، وغاية المستعجلين فوته، والقاعدة المشهورة: من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه.