وإطلاق آخر للسياحة بمعنى عبادة الله في أرضه للمضطهدين في دينهم، والمشردين عن أوطانهم، كما ثبت في (صحيح البخاري) من قصة هجرة أبي بكر رضي الله عنه إلى الحبشة، حيث لقيه ابن الدغنة فقال: [[أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأنا أريد أن (أسيح) في الأرض، وأعبد ربي، فقال ابن الدغنة: إن مثلك لا يَخْرُج، ولا يُخْرَج]] الحديث.
ومن هذا المنطلق دوِّنت المقولة المشهورة عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إبَّان اضطهاده وامتحانه: ما يفعل أعدائي بي؟! إنَّ سجني خلوة، وقتلي شهادة، وتشريدي سياحة.
ولا يُعقل -أيها المسلمون- أن يسيح العالِم المجاهد المتقي لأجل أن يلهو أو يعبث.
ما مضى ذكره -أيها الإخوة- إنما هي معانٍ ممدوحة من معاني السياحة، والذهاب على وجه الأرض في أصل الكلمة وحقيقتها.