للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصائح عامة في السياحة]

وإذا كُنَّا قد ذكرنا -آنفاً- أن السياحة على وجه العُزلة للتعبُّد منهيٌّ عنها، فكيف بالسياحة على وجه اللهو واللعب؟!

ألا إن النهي أشد، والمغبة أسوأ، ولو لم يكن في ذلك إلا أن المرء يذهب بنفسه وذويه إلى بلاد السوء، وأرض المعاصي والكفر بالله، فلا يُدرى أيُختم له في بلد الإسلام أم في بلد الكفر؟! أفي جَو الطاعة والإيمان أم في جَو المعصية وأماكن اللهو والعبث؟! والأعمال بالخواتيم.

ألا تسمعون -يا رعاكم الله- إلى ما أخرجه الشيخان في (صحيحيهما) : {عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، وأكمل المائة بالراهب، حتى أتى عالماً فقال له العالِم: ومن يحول بينك وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أُناساً يعبُدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك؛ فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق، أتاه الموت، فاختمصت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فجعلوا ملَكاً حَكَماً، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر، فجُعل من أهلها} .

فيا لَلَّه أين أنتم يا عشاق السياحة؟!

لقد كان مصير هذا التائب الخائف الوجل متعلقاً بمدى قُربه من أي القريتين، ألا ما أصعب الجواب وما أسحق الهوة!