[تعظيم العقل وإكباره]
ونختم برابع الأسباب عباد الله: وهو تعظيم العقل وإكباره حتى يكون هو الحكم على نصوص السنة لا العكس، وهذه لوثة نعوذ بالله من تبعات قسماتها، كفانا الله شر غوائلها، وفي مثل هؤلاء يقول الفاروق رضي الله عنه: [[إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، وتفلتت منهم فلم يعوها، فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا]] .
يقول ابن تيمية رحمه الله: والداعون إلى تمجيد العقل إنما هم في الحقيقة يدعون إلى تمجيد صنم سموه عقلاً، وما كان العقل وحده كافياً في الهداية والإرشاد، وإلا لما أرسل الله الرسل.
ويقول القرطبي رحمه الله: إن الله سبحانه وتعالى لم يبن أمور الدين على عقول العباد ولم يعدهم وعداً على ما تحتمله عقولهم ويدركونها بأفهامهم، بل وعد وعداً بمشيئته وإرادته، وأمر ونهى بحكمته، ولو كان ما لا تدركه العقول مردوداً لكان أكثر الشرائع مستحيلاً على عقول العباد.
وقد روى أبو داود وغيره، أن علياً رضي الله عنه قال: [[لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه]] .
إذاً: العقل وحده غير كافٍ في معرفة الحق والنور، بل لا بد من إخضاع العقل للشرع على وجه التسليم به، والإيمان بمراده، كما قال تعالى: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران:٧] .
يقول ابن القيم رحمه الله: إن عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل عقول أهل الأرض على الإطلاق، فلو وزن عقله بعقولهم لرجح بها كلها.
وقد أخبر سبحانه أنه صلى الله عليه وسلم قبل الوحي لم يكن يدري الإيمان كما لم يكن يدري الكتاب، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى:٥٢] .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبرهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين.
اللهم فرِّج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال، يا حي يا قيوم.
اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم من مات من علمائنا فاغفر له وارحمه، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله أجمعين، ومن كان منهم حياً، فوفقه وسدده لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم لتسقيَ به العباد، وتحييَ به البلاد، ولتجعلَه بلاغاً للحاضر والباد.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.