إنه ينبغي علينا -معاشر المسلمين- أن ندعو إلى دين الله -جلَّ وعلا- الذي هو مصدر عزتنا، وسر قوتنا؛ من خلال التحدث عنه على حقيقته وصورته التي ارتضاها الله جل شأنه، دون استحياء ولا تخوف ولا استجداء، متبعين ذلك على أنه دين العبودية لله وحده في كل شيء، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم.
وحذارِ حذارِ من أن يخطئ أحد حال التحدث عنه فيعدل عن الوجه الصحيح!
ثم إن الدعوة إلى الإسلام برمتها أشبه ما تكون بالقضية العادلة؛ غير أنها -وللأسف الشديد- قد تقع بين أيدي المحامين عنها، فيفشلون في عرض حقيقة الدفاع، وإيضاح البينات، وما ذلك إلا من خلال التنازل عن ثوابتها وأسسها؛ بحثاً لعرض، أو خوفاً من عرض.
ولا غرو في ذلك -عباد الله- فلربما نسمع كثيراً من المتحدثين عن الإسلام يحامون عنه، ويود المرء منا لو أنهم سكتوا فلم ينبسوا بحرف واحد.
إن أمثال هؤلاء -ولا ريب- لم يفهموا الإسلام بكماله كما تنزَّل من عند الله، والنزر اليسير ممن يتحدث عنه، ويدَّعي فهمه قد لا يحسنون الإبانة عنه، من خلال الخلط والمزج بينما يصح وما لا يصح، ومن هنا يعظم الخطر؛ لأننا في أزمنة خدَّاعة تحتاج إلى المهرة من ذوي الأفهام عبر عصور يتزن فيها القبيح من المبادئ، فتعرض نفسها على الناس في تزاويق خادعة، كما تتوارى الشمطاء وراء حجب من الأصباغ والحلي.
إن الإسلام في حدِّ ذاته كالدواء، لا يحتمل أن يجتهد فيه كل محتس له، كما أن الدواء لا يكون دواءً لأن مادته تحوي أسباب الشفاء فحسب، كلا! بل لا بد من تناوله بطريقته التي يُشير بها الطبيب على الوجه الذي وضع له الدواء، ومن تكلف طريقةً من عنده لم يقل بها الطبيب فلا يأمن أحدٌ حينئذٍ إذا استفحل الداء ولات ساعة استشفاء!
وهيهات هيهات أن تصلح المجتمعات وقد وهت فيها حبال مقومة الشريعة الحقة، وأسس الحياة المحكومة بصبغة الله وشرعته، دون اكتراث بما يُرضي الله وما يسخطه، فكيف إذا كانت الحال في التشكيك في تلك المقومات، أو السعي الدءوب في إماتتها، أو بث ما من شأنه اتهام المسلمين أو بذل الفرقة بينهم، أو التطلع إلى إرساء قواعد التراجع عن الدين أو -على أقل تقدير- إشعار الغير بأن من يتجرع الإسلام بآدابه وكماله فإنه لا يكاد يصيغها إلا معتوهاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله؟!