عباد الله! إن الخمور التي كانت من مفاخر الجاهلية ومن تقاليدهم المألوفة جاء الإسلام بإلغائها، وخلص الجماعة المسلمة من رواسب الخمرة، بعد أن رسخ دعائم التوحيد والعقيدة في نفوسهم، وأخرجهم من عبادة العباد، وعبادة الشهوة والجسد إلى عبادة الله وحده، وأخرج كثيراً من الصحابة رضي الله عنهم من منادمة الخمر فصقلهم الإسلام صقلاً، هجروا بسببه كل عادة تغضب الله ورسوله.
فهاهو حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه يقول عن الخمر في الجاهلية:
ونشربها فتتركنا ملوكاً وأسداً ما ينهنها اللقاء
فلما خالط الإسلام قلبه، صار شعره أشد على نحور المشركين من وقع النبل، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا أبو محجن الثقفي رضي الله عنه، الذي اشتهر بالخمرة في جاهليته، وهو الذي ينسب إليه قوله:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني بالفلاة فإنني أخاف إذا ما مت ألا أذوقها
فلما تمكن حب الله ورسوله من قلبه، أبلى بلاء حسناً في القادسية، وقال له سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: لا حبستك في الخمر بعدها أبداً.
فقال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها بعد اليوم أبداً.