أيها المسلمون: كثيرون هم الذين يتحدثون من على منابر متنوعة عن شهر رمضان، وأنه شهر البطولات والأمجاد، وهذا أمر لا مراء فيه ولا جدال، غير أن الذي يجب تأكيده والثبات عليه هو أن البطولات والأمجاد لا تنال بمجرد التمني والتخييل؛ في حين أن القلب غافل لاهٍ.
ألا إن للبطولات والأمجاد ثمناً يندر تحصيله والوقوف عليه؛ لأن سلعة الله غالية، وسلعة الله هي الجنة:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً}[التوبة:١١١] .
إن هذه السلعة -عباد الله- هي الرابط الأساس بين المؤمنين وبين نصر الله لهم، وإنهم كلما كانوا إلى تحصيل هذه السلعة أقرب، كان النصر إليهم أقرب، والعكس بالعكس، ولا أدَلَّ على ذلك من قوله تعالى عن غزوة أحد حين ذاق فيها المسلمون أول هزيمة لهم إبَّان أوج كيانهم:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}[آل عمران:١٥٢] .
إن أثر المعصية وشؤمها على المجتمعات المسلمة أنها لفي أمر مريج؛ من كثرة المواقعين لها، والعابِّين من قيعانها كَمَا الهيم.
إلا أن للنصر شروطاً، منها: جز المعاصي، والنأي بالنفس عن أن تواقعها أو تتراءى لها؛ ولا أدل على أثرها في الخذلان والهزيمة أمام العدو من قول ابن مسعود رضي الله عنه فيما رواه أحمد في مسنده عن هزيمة أحد: [[فلو حلفتُ يومئذٍ رجوتُ أن أبَر أنه ليس منا أحد يريد الدنيا حتى أنزل الله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}[آل عمران:١٥٢]] ] .