[بعض تناقض السياح المتدينين]
وبعد: فثم سؤال آخر يطرح نفسه؛ ليبين من خلاله وجه التناقض بين مآرب السُّيَّاح وأرباب السياحة، وبين ما ألِفَه بعضهم من جَو الحفاظ والتدين.
وصورة السؤال هي: يا أيها السائح! هل أنت ممن سيقرأ دعاء السفر، إذا أردت السياحة في بلاد اللهو؟
فإن كان باحثاً عن الحق فسيقول: وهل يغفل المرء المسلم دعاء السفر؟!
قلنا له: فماذا تقول في دعائك؟
فسيجيبنا: أقول الدعاء المشهور: {اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى} .
فنقول له: حسبك قف! لقد قلت: البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، فأين محل البر والتقوى والعمل المُرضي في سفرك؟! أيكون مشاهدة المنكر براً أو تقوى؟! أيكون الجلوس أمام ما يُغضب الله براً أو تقوى؟!
إن ذلك كله مما لا يُرضي الله، وأنت تسأله من العمل ما يرضي.
ألا تدري ما هو البر؟
إن أجْمَعَ ما نُصَوِّره هو قوله جلَّ وعلا: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:٩٢] .
ألا تدري ما التقوى؟ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:٢٧] .
ألا تدري ما العمل الذي يُرضي الله؟ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:١٠] .
ألا فاتقوا الله -معاشر المسلمين- وليس عيباً أن يقع امرؤٌ في خطأ، وإنما العيب كل العيب أن يتمادى فيه ويكابر.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والثبات على دينك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
اللهم ارزقنا من السعادة والطمأنينة والرضا بالمقسوم ما يُغنينا عما عند غيرنا.
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك.
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والذكر والحكمة.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله، إنه هو الغفور الرحيم.